منوعات

لماذا أمر الله بذبح بقرة ؟ ولماذا اختار لها اللون الأصفر الفاقع دون غيره ؟

في الدلالة اللونية

كتب د/ حربي الخولي
في قصة بني إسرائيل أنه كان فيهم رجل عقيم، فقتله وليه، ثم احتمله فألقاه في سبط غير سبطه فوقع بينهم فيه الشر حتى أخذوا السلاح فقال أولو النهى : أتقتتلون وفيكم رسول الله ؟ فأتوا نبي الله ، فقال : اذبحوا بقرة ! فقالوا : أتتخذنا هزواً ، قال : {أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين * قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما هي قال إنه يقول إنها بَقَرَةٌ لَّا فَارِضٌ وَلَا بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذَٰلِكَ ۖ فَافْعَلُوا مَا تُؤْمَرُونَ (68) قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا لَوْنُهَا ۚ قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَّوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ (69) إلى قوله : {فذبحوها وما كادوا يفعلون}، قال : فضُرب ، فأخبرهم بقاتله . ولم تؤخذ البقرة إلا بوزنها ذهباً ، ولو أنهم أخذوا أدنى بقرة لأجزأت عنهم ، فلم يورث قاتل بعد ذلك .
والسؤال لماذا أمرهم الله بذبح بقرة ولم يأمرهم بذبح نوع أخر من الحيوانات ؟ ولماذا اختار لها اللون الأصفر الفاقع دون باقي الألوان ؟ هل في ذلك حكمة لبني إسرائيل ؟


والجواب نعم هناك حكمة بالغة ودقيقة لهم من اختيار البقرة ولونها، فهؤلاء بعد أن خرجوا من مصر بمعجزة الله لهم بشق البحر وحين ذهب موسى عليه السلام إلى ميقات ربه، مكث على الطور يناجى ربه، ويسأله موسى عليه السلام عن أشياء كثيرة، وهو تعالى يجيبه عنها، فعمد رجل منهم يقال له السامرى، فأخذ ما كان استعاره من الحلى الذهبية فصاغ منه عجلًا، وألقى فيه قبضة من التراب، كان أخذها من أثر فرس جبريل حين رآه – يوم أغرق الله فرعون على يديه – فلما ألقاها فيه خار كما يخور العجل الحقيقى. وقال لهم : هذا هو إلهكم فاعبدوه فقد هلك موسى، فعبده الكثير منهم، ولما جع موسى حزن وغضب ونسف العجل وطلب منهم التوبة من الإثم العظيم، ثم بعد ذلك بزمن حدثت قصة البقرة، فأراد الله أن يطهرهم من دنس ورجز تلك العبادة الباطلة، ويخرج من قلوبهم ما ران عليها من إثم عبادة العجل، ويقنعهم بالدليل العملي أنه لا متصرف في الكون إلا الله، وأن هذا الذي عبدوه هو صورة حيوان بهيمة لا يرجع إليهم قولا ولا يهديهم سبيلا، فأمرهم بأن يأتوا ببقرة وهي أم العجل حتى تذبح، ويكون لونها هو نفسه لون العجل الذي عبدوه، ولما كان العجل الذي عبدوه هو لون الذهب الاصفر الفاقع الذي صاغوه منه فكان أمره بأن تكون البقرة صفراء كذلك فاقع لونها، وأن يذبحوها ليتأكدوا أنه لا إله إلا الله، وأن ذلك العجل الذي عبدوه ذا اللون الأصفر لا يتمكن من الدفاع عن أمه البقرة الصفراء، أو أي بقرة غيرها ينتمي إليها، وأن يخرج من قلوبهم حب ذلك اللون الأصفر الفاقع الممثل في شهوات الذهب وامتلاك المال، والانحراف عن العبادة لله إلى العبادة لغيره خاصة عبادة الذهب، فقد كان من أسباب عبادتهم للعجل أنه من ذهب فهم يعبدون الذهب بالدرجة الأولى، فأراد الله أن يطهر قلوبهم من تلك العبادة بذبحهم ذلك اللون وتلك البقرة المماثلة لأم العجل الذي عبدوه؛ لذا قال الله تعالى :” كَذَٰلِكَ يُحۡيِ ٱللَّهُ ٱلۡمَوۡتَىٰ وَيُرِيكُمۡ ءَايَٰتِهِۦ لَعَلَّكُمۡ تَعۡقِلُونَ (73) ” وطبعا ما هم بعاقلين .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى