إسرائيل تواجه اتهامات بارتكاب إبادة جماعية في قطاع غزة أمام المحكمة الدولية.. هل تنتصر العدالة للفلسطينيين؟!


كتب شريف حمادة:
بعد مرور أكثر من 96 يومًا من العدوان الدموي على قطاع غزة، أخيرا ستواجه “إسرائيل” وللمرة الأولى منذ احتلالها الأراضي الفلسطينية في عام 1948، اتهامات بارتكاب إبادة جماعية أمام محكمة العدل الدولية.
تضمن الدعوى التي قدّمتها دولة جنوب أفريقيا إلى المحكمة، في الـ29 من ديسمبر الماضي، اتهام الاحتلال الإسرائيلي بارتكاب الإبادة الاجماعية في القطاع، وتحوي الدعوى التي تتألّف من 84 صفحةً، عشرات الأدلة والبراهين على الجرائم المرتكبة.
ومن المقرر أنّ تعقد الجلسة صباح غدٍ الخميس، حيث سيقدّم محامو جنوب أفريقيا مرافعتهم التي تتضمّن هذه الأدلة، مقرونةً بتصريحات أكثر من 200 مسؤول إسرائيلي، من المستويين السياسي والعسكري، وتثبت هذه التصريحات نيّة هؤلاء المسؤولين ارتكاب الجرائم والإبادة الجماعية والقضاء على الفلسطينيين في غزة، إضافة إلى طردهم وقتلهم وتدمير منازلهم وقطع سبل الحياة عنهم، كما أوضح موفدنا.
إسرائيل تجيش فريق دولي للدفاع
ومن المتوقّع أن يردّ الاحتلال على مرافعة جنوب أفريقيا، يوم الجمعة و “يدافع عن نفسه”، ونظرا لأنها المرة الأولى فقد جهزت دولة الاحتلال وفد كبير “للدفاع عنها”، بينهم المحامي والمؤلّف الأميركي اليهودي، آلان ديرشوفيتز.
ويئكد خبراء في القانون الدولي، أنه يتعيّن على المحكمة اتخاذ “قرارت فورية”، في حال قرّرت الأخذ بكلّ الأدلة والبراهين لجنوب أفريقيا بعين الاعتبار، وقد لا تصدر يوم الجمعة، وهي ربما ستأخذ عدة أيام، إلا أنّ صفة الجلسة الطارئة للمحكمة تعني أنّه يجب اتخاذ قرار سريع.
ويتوقع الخبراء أن يتضمّن القرار وقف الحرب على غزة ووقف تهجير الفلسطينيين والدمار، وإدخال المساعدات الغذائية والطبية بصورة فورية، وإعادة الكهرباء ورفع الحصار عن القطاع.
ويشير الخبراء إلى أهمية جلسة الغد نظراً لكونها المرة الأولى التي يخضع فيها الاحتلال للمساءلة، كما أنها أساسية أيضاً لأنّها قد تكون مقدّمةً مهمةً لما تواجهه “إسرائيل” أمام محكمة الجنايات الدولية أيضاً، ويعني ذلك أنّ المحامين الـ300 الذين تقدّموا قبل أكثر من شهر بدعوى إبادة ضدّ “إسرائيل” أمام محكمة الجنايات الدولية سيستندون إلى القرار الذي ستتخذه محكمة العدل الدولية، من أجل تسمية الأشخاص هناك وملاحقة أولئك المسؤولين عن الإبادة الجماعية.
العدالة الدولية

وعلى الرغم من تشكك بعض الخبراء من تحقيق العدالة الدولية مع إسرائيل إلا أن البعض أكد أن هذه الخطوة جيدة، ويمكن أن تحقّق إدانةً هي الأولى من نوعها للاحتلال الإسرائيلي.
ويرى آخرون أن لا فائدة ترتجى من التوجّه إلى مؤسسات تقع تحت إشراف الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي، بدليل عدم اتخاذ أي منها خطواتٍ جديةً خلال السنوات الماضية لمنع الاعتداءات الإسرائيلية، إضافة إلى أنّ أي قرار في غير صالح “إسرائيل” يصطدم حكماً بجدار “الفيتو” الأميركي، كما جرت العادة.
ويقول خبراء، إنّ “إسرائيل” تعلم بأنّ مسار المحكمة لا يتوقّف على حضورها، وبالتالي تغيّبها لن يلغي المحاكمة، وإنّما، “وهنا الإشارة المهمة، هي تطمح بأن تتجنّب الإدانة، إذ إنّ مسار القضية يتألّف من مرحلتين: الأولى، تأخذ فيها المحكمة إجراءات احترازية (في هذه الحالة المطالبة بوقف الحرب)؛ والثانية، تبدأ فيها إجراءات المحاكمة، حيث تطلب المحكمة من الدول الأعضاء إعطاء آرائها القانونية في القضية المقدّمة، ما يعني أنّ المعركة تبدأ هنا.
موقف الدول العربية
وأضاف الخبراء، أنّ المعركة الحقيقية هي في حشد أكبر قدر ممكن من الآراء القانونية للدول الأعضاء، في هذه القضية، وبالتالي حينها ستبدأ إسرائيل في البحث والتحشيد، والتواصل مع دول العالم، ويشدد الخبراء أنّه على لبنان والدول العربية، أن تذهب وتدعم موقف جنوب أفريقيا أمام محكمة العدل الدولية بإعطاء دراسات قانونية تثبت جرم إسرائيل”.
تحصيل إدانة
وعلى الرغم من صعوبة تحصيل إدانة لـ”إسرائيل” عند محكمة العدل الدولية، كما يقول الخبراء، إلا أنّ هذا “ليس خاتمة المطاف، فجنوب أفريقيا تقدّمت أيضاً في دعوة أمام المحكمة الجنائية الدولية، حيث يمكن أن يظلّ المجال مفتوحاً أمام الحقوقيين القانونيين العرب للمشاركة في الادّعاء وتقديم الأدلة، وتحصيل الإدانات بحق الأفراد المتهمين بالإبادة وبجرائم الحرب، وهو ما قد يمنع من تثبت إدانته منهم من الدخول إلى العديد من مطارات العالم”.
شروط التقاضي دوليا

وأوضح الخبراء، أنّ الذهاب إلى محكمة العدل الدولية مشترط بتحقيق واحد من الشروط الثلاثة التالية، بحسب المادة 36 والمادة 37 من نظامها وهي:
1- موافقة الدولتين المتخاصمتين على اللجوء إلى هذه المحكمة.
2- أن تكون إحدى الدولتين المتخاصمتين قد قدّمت موافقةً مسبقةً (وهي عبارة عن إعلان استعداد مسبق للوقوف أمام محكمة العدل الدولية في أي قضية ترفع ضدها). وعلى الرغم من أنّ “إسرائيل” قدّمت منذ أمد بعيد موافقةً مسبقة، إلا أنّها سحبتها في العام 1985، حين كان رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتياهو، سفيراً لـ”إسرائيل” في الأمم المتحدة.
3- وجود معاهدة أو اتفاقية تلحظ صلاحية المحكمة فيما يتعلّق بالتفسير أو التطبيق أو التنفيذ، حيث تكون المحكمة هنا صالحة للنظر في الأمر.
والشرط الثالث، هو ما اعتمدت عليه حكومة جنوب أفريقيا، كما بيّن جوني في حديثه للميادين نت، في التوجّه إلى محكمة العدل الدولية، اعتماداً على “سوء تطبيق إسرائيل نصّ معاهدة الإبادة الجماعية”.
أما المحكمة الجنائية الدولية، فهي أولاً تحكم على الأفراد، بخلاف محكمة العدل.
ثانياً، إنّها عبارة عن منظمة دولية، تقوم على الاتفاق بين مجموعة من الدول.
ثالثاً، هي تحكم بالجرائم التالية: عدوان، حرب، جرائم ضد الإنسانية، إبادة جنس بشري.
وتقتضي شروط الذهاب إلى المحكمة الجنائية الدولية: إما أن يكون المدّعى عليه دولةً طرفاً في المحكمة، أو المدّعي هو طرف في المحكمة، أو يمكن لمجلس الأمن الدولي أن يدّعي على طرف عبر هذه المحكمة، كما يمكن للمدّعي العام أن يدّعي هو ابتداءً.
وبالتالي فإنّ الوقوف أمام المحكمة الجنائية الدولية “كان ليكون أيسر من الوقوف أمام محكمة العدل الدولية”، حيث إنّ الأخيرة تأخذ “وقتاً طويلاً جداً في إثبات جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، بينما هذا المسار أسهل في الجنائية الدولية”.
وتعد هذه الخطوة أهم خطوة قانونية تقوم بها دولة لتحقيق العدالة وإنصاف ضحايا العدوان الإسرائيلي، فالمواجهة إذاً ليست فاقدة للقيمة بطبيعة الحال، وإن تحدّثنا عن ضعف مقدار الاحتمال بالوصول إلى نتيجة تزعج الاحتلال الإسرائيلي، ولكن هذا لا يمنع ضرورة المحاولة على كل الميادين المحتملة، وتحديداً أمام محكمة العدل الدولية، يجب أن يكون العرب جادين في المواجهة، كي لا تخرج “إسرائيل” بصورة المنتصر..
ويأمل الفلسطينيون أن تساهم هذه الخطوة في تحقيق العدالة ومحاسبة المسؤولين عن الجرائم التي ارتكبتها “إسرائيل” في قطاع غزة، بما في ذلك القتل العمد والتدمير الجماعي للمنشآت الحيوية.
يجب أن تكون المحكمة الدولية مكانًا لتحقيق العدالة وتقديم الحق للمظلومين، بغض النظر عن جنسيتهم أو هويتهم، ويجب أن تعمل المحكمة بشكل عادل ومستقل، وأن تضمن إجراءات قانونية عادلة لضمان تحقيق العدالة وتقديم المسؤولين إلى العدالة.