مقالات

البلطجة في مصر.. من ثقافة التراحم إلى ثقافة السنجة والدم!!..

 

لم تعد مشاهد العتاب بين الشباب في شوارع مصر سواء في أحيائها الشعبية أو الراقية تُحسم بالكلمة الطيبة أو تدخل الجيرة، بل تحولت إلى معارك بالسكاكين والسنج والشوم. هذه الظاهرة ليست عابرة، بل تكشف عن تحولات خطيرة في المجتمع المصري.

أولًا: الأسباب العميقة

الأزمة الاقتصادية: ضيق المعيشة والبطالة والغلاء يزرع الغضب واليأس، فيتحول الخلاف البسيط إلى عنف.

تفكك الروابط الاجتماعية: زمان كان “ابن المنطقة” ابن الجميع، والجيرة كانت مظلة أمان، اليوم تراجعت قيم التضامن لتحل محلها الفردية.

غياب القدوة: انهيار صورة الرموز السياسية والدينية والثقافية جعل بعض الشباب ينجذبون إلى “قدوة البلطجي” باعتباره القوي الذي يأخذ حقه بيده.

الإعلام وأفلام العنف: قدمت صورة “الفتوة” و”الجدع البلطجي” كبطل شعبي، فصار العنف سلوكًا مقبولًا.

ضعف القانون: حين يفقد المواطن ثقته في عدالة الدولة، يلجأ للسلاح بدلًا من انتظار حكم القانون.

انتشار المخدرات والأسلحة البيضاء: عامل مباشر يحوّل النزاع البسيط إلى مأساة.

ثانيًا: لماذا تراجعت ثقافة الرحمة والجيرة؟

لأن المجتمع تحوّل من أسرة ممتدة مترابطة إلى أفراد منعزلين، وانسحب الدين من كونه سلوكًا وأخلاقًا ليبقى مجرد طقوس، ومعه تراجع الحس الجمعي بالرحمة والتكافل.

وفي النهاية فإن ما نشهده اليوم في شوارع القاهرة ومحافظات مصر المختلفة ليس مجرد بلطجة، بل أزمة قيم وأزمة مجتمع وأزمة دولة.

ولا مخرج منها إلا بإصلاح اقتصادي يخفف ضغط المعيشة، وضبط قانوني جاد لا يفرق بين قوي وضعيف، وإعادة دور للتربية والإعلام خاصة لبناء قيم الرحمة والتراحم من جديد وليس لأن يكون بوقا للنظام السياسي متجاهلا معاناة المواطن .. واعادة الفن لحقيقته كرسالة للسمو بثقافة المجتمع وليس لنشر البلطجة والاهتمام بنجوم البلطجة لدرجة أنهم أصبحوا نجوم المجتمع و”نمبر ون” وقدوة للأسف سيئة .. وقبل كل ذلك هو إعادة الدين كمنظومة سلوك وتربية وليس للاستهلاك السياسي وطقس في المساجد والكنائس..

شريف حمادة

كاتب وصحفي مصري

alarabicpost.com

موقع إخباري عربي دولي.. يتناول آخر الأخبار السياسية والاقتصادية والثقافية والرياضية، إضافة إلى التحقيقات وقضايا الرأي. ويتابع التطورات على مدار 24

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى