منوعات

الفرق بين (عبادي ) بإثبات ياء المتكلم و ( عبادِ) بحذفها

فرق دلالي

قال الله تعالى في سورة العنكبوت (يَوْمَ يَغْشَاهُمُ الْعَذَابُ مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ وَيَقُولُ ذُوقُوا مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ، يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ ، كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ) . وقال في سورة الزمر (أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاء اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ ، قُلْ يَا عِبَادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ) .


بداية نذكر أنه لا فارق في الإعراب بين (عبادي) و(عبادِ)، فالكلمتان مضافتان لياء المتكلم المذكورة في الأولى أو المحذوفة في الثانية وكسرة الدال عليها دليل . و(عبادِ) و(عبادي) لغتان من لغات خمس عند الإضافة لياء المتكلم، فهي (عبدِ عبدي عبدَ عبدا عبديا) . أما من ناحية الدلالة فالملاحظ كقاعدة بصورة عامة إن زيادة المبنى تزيد في المعنى، فعند وجود الياء يكون العباد أكثر من عند حذفها، ففي سورة العنكبوت نلاحظ في قوله 🙁 يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ ) فهنا ينادي الله على العباد المؤمنين كلهم مخاطبا لهم بقوله (إنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ) ؛ أي عليكم أن تتركوا الأرض التي بها المعاصي لغيرها، فأرض الله واسعة، فهنا الخطاب للهجرة من ارض المعاصي لغيرها لعموم المؤمنين، أما في قوله في سورة الزمر : ( قُلْ يَا عِبَادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ ) الملاحظ هنا أن العباد المؤمنين أخص، فلهم صفات محددة منها التقوى التي امر الله بها، ومنها الإحسان لغيرهم، ومنها الصبر، وبالتأكيد من يتصف بهذه الصفات هم أخص من عموم المؤمنين وأقل عددا، فكان حذف الياء مشيرا لهذه الخصوصية والقلة .


وهكذا نجد القاعدة مطردة ففي قوله تعالى (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) الزمر. جاءت بذكر الياء لأن المسرفين هم كثر لذا جاءت عبادي بياء المتكلم. وقوله تعالى (وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان) جاءت عبادي بذكر ياء المتكلم لأنها تشمل كل العباد. أما قوله تعالى (فبشّر عباد) حذفت الياء لأنهم طائفة أقل، لأن الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه هم قليل حتى إنه لم يقل فيتبعون الحسَن، وإنما قال الأحسن لأن المخاطبين قلة.

بقلم د. حربي الخولي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى