مقالات

الكاتب الصحفى عبدالناصر محمد يكتب : مستعمرات ” الجذام ” .. والإحتلال الحكومى !!

تتواصل القرارات الحكومية غير المدروسة التى لا تراعى مصالح المرضى ، وتخلو من أى بنود تعود بالنفع على هؤلاء المرضى الذين فريسة سهلة للإهمال الحكومى ، فمؤخرا إتخذت الحكومة ممثلة فى وزارة الصحة قرارا بنقل مستشفى الجذام بمدينة طنطا بمحافظة الغربية إلى المستشفى العام بنفس المحافظة ، وهو ما تسبب فى نشوب أزمة حادة شهدتها الأيام القليلة الماضية بين وزارة الصحة من جهة وبين المرضى وذويهم ويساندهم الأطباء المعالجون من جهة أخرى.
وجدير بالذكر أن وزارة الصحة إتخذت قرارا مماثلا فى بداية العام الحالى وقامت بإغلاق مستعمرة الجذام فى منطقة أبوزعبل بمحافظة القليوبية ، علما بأن هذه المستعمرات يتم فيها عزل المرضى.
وزارة الصحة بررت هذا القرار بأن حالات مرض الجذام لم يعد إستقبالها فى المستعمرات ولكن يتم معالجتها فى أقسام الأمراض الجلدية بالمستشفيات وأن هذه المستعمرات لم تعد تستقبل مرضى ، وهذه التصريحات على غير الحقيقة بالطبع نظرا لأن المستشفى تعمل بكامل طاقتها وبها عدد وفير من الأطباء وأطقم التمريض والإداريين وأن كل ما فى الأمر هو أن الحكومة تسعى لدمج هذه المستعمرات فى أى مستشفيات عامة حتى يتثنى لها إستغلال أراضيها وإستثمارها فى أية مشروعات أخرى أو التفريط فيها وبيعها لأحد المستثمرين العرب !!.
كما زعمت وزارة الصحة أنها تعمل على تطوير البروتوكولات العلاجية الخاصة بمرض الجذام، وإنشاء مستشفيات عامة لخدمة المواطنين تحتوي على أقسام متخصصة للتعامل مع مرض الجذام ، وأن حالات مرض الجذام لم يعد يتم استقبالها في المستعمرات، ولكن يتم معالجتها في أقسام الأمراض الجلدية في المستعمرات ولا توجد أى توصية طبية على مستوى العالم بعزل المرضى أو حجزهم فى مستعمرات.
كما قالت وزارة الصحة أن جميع المستعمرات على مستوى العالم تم إغلاقها، حيث تم إغلاق آخر مستعمرة جذام فى عام 2011، وأن مريض الجذام منذ تلقي أول جرعة للعلاج، يصبح غير معد، كما أن العلاجات الحديثة تشفي المريض تماماً خلال فترة ستة أشهر.
ومن قبل أكد وزير الصحة الدكتور خالد عبد الغفار إن وضع مرضى الجذام في مصر آمن، لاسيما أنه مرض بكتيري وقابل للشفاء، ووزارة الصحة توفر علاجه بالمجان، موضحاً أن وزارة الصحة كشفت أن فترة حضانة المرض تتراوح بين 3 و5 سنوات وقد تمتد لـ20 عاماً، وأن من أعراض الإصابة ظهور بقع جلدية باهتة اللون مع ضعف وفقد الإحساس بالأعصاب الطرفية. وذكرت أن أكثر المناطق المتضررة بالمرض في الجسم هي العينان، والأنف، وشحمة الأذن، واليدان، والقدمان.
وفي مايو عام 2024، أصدر مجلس الوزراء قرارًا بإلغاء العمل بالقانون رقم 131 لسنة 1946 بشأن مكافحة الجُذام، اتساقًا مع توجهات معظم دول العالم في إلغاء القوانين التمييزية ضد مرضى الجُذام، في ظل التطور الكبير في بروتوكولات مكافحته، بما يتماشى مع توصيات منظمة الصحة العالمية، مشيرًا إلى أن مصر أعلنت خلوها من مرض الجُذام وفق معدلات الأمان العالمية منذ عام 1994، بعد وصولها إلى معدل انتشار أقل من حالة واحدة لكل 10 آلاف نسمة، كما انخفض معدل الإصابة إلى 0.04 لكل 10 آلاف نسمة عام 2022. تستهدف القضاء على هذا المرض في العام 2030.
هذا القرار الحكومى بإحتلال أراضى المستعمرات وإغلاقها ونقل المرضى الى قسم الجلدية بمستشفى آخر وصفه الأطباء العاملون داخل هذه المنظومة بأنه غير مدروس، ويحمل مخاطر صحية جسيمة على المرضى والمجتمع، مطالبين وزارة الصحة والسكان ومحافظة الغربية بالتدخل العاجل لوقف تنفيذه.
وقالوا أيضا أن مستشفيات الجُذام لها طبيعة خاصة، إذ تختص بعلاج مرضى الجُذام والحد من انتشار المرض بين المخالطين، فضلًا عن تقديم العلاج المجاني والمتابعة الدورية للحالات المسجلة، مؤكدين أن هذه المستشفيات وُضعت منذ إنشائها في مواقع بعيدة عن الكتل السكنية المزدحمة حفاظًا على الصحة العامة وضمان بيئة علاجية آمنة محذرين من أن نقل مستشفى الجُذام إلى مستشفى عام يؤثر سلبًا على خطة الوقاية، لأن الاختلاط بين المرضى والمواطنين في مستشفى عام قد يزيد من احتمالات العدوى ويقوّض جهود السيطرة على المرض.

ولا شك أن القرار لا يخدم المريض بأي شكل، بل يربك المنظومة العلاجية، خصوصًا للمرضى المصابين بالبُهاق والصدفية الذين يتلقون علاجهم وفق جداول متابعة دقيقة داخل المستشفى ، فضلا عن أن المرضى المسجلون سيفقدون أماكن علاجهم وملفاتهم الطبية، وستتضرر خطة المتابعة التي وُضعت لحالاتهم منذ سنوات.
وأنشأت مصر مستعمرة أبو زعبل فى سنة ١٩٣٤ ، حيث صدر مرسوم ملكي بإنشائها على مساحة 2400 فدان، وتقلصت المساحة حتى وصلت إلى 262 فداناً ، فيما تقدر مساحة مستعمرة طنطا بنحو ١٥٠ فدان.
وانخفض عدد مرضى الجذام المسجلين في مصر منذ بدء التسجيل عام 1979 من 37 ألفا و344 حالة إلى نحو 500 حالة فى الفترة الحالية ، والقانون القديم كان يجيز القبض على المريض وعزله ، أما الآن فالحكومة قررت إهماله وإغلاق المستشفيات التى كانت تستقبله!!.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى