الأسباب الخفية وراء إصرار جيش الاحتلال على حرق وتفخيخ وتفجير مباني مجمع الشفاء الطبي!!؟
فجّر “جيش” الاحتلال الإسرائيلي، صباح اليوم الخميس، المبنى التخصصي في مجمّع الشفاء الطبي، غربي مدينة غزة، وواصل حصاره واستهداف من فيه من الفلسطينيين، لليوم الرابع على التوالي.
ويعد هذا المبنى هو عصب القطاع الصحي في مدينة غزة وشماليّها، إذ إنّه يحتوي على أكبر مخزن للأدوية في القطاع كله، بحسب ما أوضح مراسل الميادين.
وبقصف المبنى التخصصي في مجمع “الشفاء” اليوم، فقد دمّر “الجيش” الإسرائيلي كل أجهزة القلب والتصوير بالأشعة والرنين المغنطيسي في غزة، ليفاقم الأزمة التي يشهدها القطاع الصحي.
ويعد هذا التفجير والتفخيخ والحرق والاعتقال والترويع، الذي يرتكبه جيش الاحتلال الإسرائيلي منذ فجر الاثنين الماضي بالمجمع الطبي بكل ما أوتي من أدوات هو تجاوز وتطاول على القانون الدولي والضمير الإنساني.
فاللمرة الثانية منذ إطلاقهم العنان لآلة الحرب على القطاع الذي يعاني في الأصل من سوء الامكانيات وساكنيه، استمر جنود الاحتلال في استباحة عرض أبسط مفاهيم احترام الكرامة البشرية، متخذين من المجمع الطبي الأكبر في القطاع مسرحا لجرائمهم الجديدة.
ولم يجد آلاف الفارين من جحيم الحرب سوى هذا المبني للاحتماء داخل أسواره وخارجها، إضافة إلى مئات المرضى بأجنحته المختلفة، الذين وجدوا أنفسهم مجددا تحت طائلة الرعب والهلع، مع تصاعد عمليات التقتيل العشوائي وتوسع الاعتقالات بين النازحين.
وكذلك المنازل المأهولة المحيطة بالمجمع -الواقع غرب مدينة غزة- لم تسلم من البطش والانتهاكات، فقد ذكر شهود عيان أن جنود الاحتلال أحرقوا عديدا منها في المنطقة الغربية من المجمع.
وفي شهادات وثقتها تقارير إعلامية، منع الاحتلال سيارات الإسعاف والدفاع المدني من الوصول للمنطقة، كما هدد باستهداف كل ما يتحرك في محيط المستشفى، وسط مناشدات يائسة من السكان لإجلائهم.
تفخيخ وتفجير
وقابل الاحتلال دعوات المنظمات الإنسانية والإغاثية لوقف الاعتداءات، بمزيد من عدم الاكتراث واللامبالاة، ولم يكتف بمواصلة إضرام النيران، بل استمر في حملة الترويع بتفخيخ بقية المنازل بالمتفجرات.
كما لم تتوقف فوهات المدفعية منذ فجر اليوم الاثنين عن قصف محيط المجمع، بعد نسف أحد أكبر مبانيه، دون أن تتوفر معلومات عما إذا تم إخلاء المبنى الذي كان يؤوي نازحين قبل نسفه، حسب مراسل الجزيرة.
وقد أقر الجيش الإسرائيلي، أمس الأربعاء، بقتل 90 فلسطينيا والتحقيق مع 300 في مستشفى الشفاء، كما اعترف باعتقال 160 آخرين ونقلهم إلى إسرائيل للتحقيق.
وتعد هذه المرة الثانية التي تقتحم فيها قوات إسرائيلية المجمع منذ بداية الحرب على غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، حيث اقتحمته يوم 16 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي بعد حصاره لأسبوع ثم انسحبت منه بعد 8 أيام، وجرى خلال الاقتحام تدمير ساحاته وأجزاء من مبانيه ومعداته الطبية، بالإضافة إلى مولد الكهرباء.
من جانبه، قال أستاذ الشؤون الدولية في جامعة قطر، أحمد جميل عزم:” إن ما يجري نوع التطهير العرقي”.
تطهير عرقي
واضاف عزم في تصريحات صحفية، أن ما يسهم في هذا التطهير العرقي هو استهداف المستشفيات والعاملين بمنظمات الإغاثة والصحفيين وغيرهم من الكيانات التي تتمتع بحصانة دولية وقانونية.
وحول تبرير الاحتلال حملته على المجمع بوجود شبكة أنفاق وبنى تحتية تستخدمها المقاومة، ذكّر عزم باعتراف رئيس وزراء إسرائيل الأسبق إيهود باراك بأن جزءا من الحفريات والتحصينات والإنشاءات الموجودة تحت مستشفى الشفاء بنتها إسرائيل.
وأضاف الأستاذ الجامعي، أن الادعاءات الإسرائيلية كذب مطلق، وما يحدث في مجمع الشفاء هو تماما ما يحدث في موضوع منع وصول المساعدات والتحجج بأنها تذهب لرجال المقاومة وليس لمستحقيها.
وعن موقف القانون الدولي من استهداف المنشآت الصحية، قال أحمد جميل عزم، إن القانون الدولي يعطي حصانة للمستشفيات والمسعفين والصحفيين، خاصة من هم بأماكن واضحة أو يلبسون ملابس الإسعاف أو الصحافة.
وأضاف عزم أن المستشفيات تحظى بحماية خاصة في اتفاقية جنيف الرابعة، إذ لا يجوز بأي حال الهجوم على المستشفيات المدنية التي تقدم الرعاية للجرحى والمرضى والعجائز والنساء، حيث يوجب القانون احترام هذه المستشفيات وحمايتها.
و قال أأحمد جميل عزم، أن الهجمات المتعمدة على المستشفيات والأماكن التي يتجمع فيها المرضى والجرحى بموجب نظام روما الأساسي، تشكل مخالفة جسيمة لقوانين وأعراف الحرب. وبمقتضى النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، يشكل تعمد توجيه هجمات ضد المستشفيات وأماكن تجمع الأفراد والجرحى جريمة حرب.