حقيقة الدور الاماراتي والإسرائيلي في مساعدة إثيوبيا للسيطرة على ميناء في البحر الأحمر.. ومصر ترفض!!
بعد أن فرضت أثيوبيا ارادتها على كل من مصر والسودان وقامت بانشاء سد النهضة وتنفيذ مراحل الملئ عنوة دون النظر للمطالبه المصرية السودانية، ومتجاهلا للعهود السابقة التي وعدها للرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، بدأت أثيوبيا بخطوة جديدة للسيطرة على البحر الأحمر لتنفيذ مخطط اسرائيلي برعاية فرنسية، حيث أبرز رئيس وزراء أثيوبيا اتفاقا مع الانفصاليين بأرض الصومال على تأجير حوالي 20 كيلو لمساعدة إثيوبيا على انشاء ميناء بحري لها..
وكالعادة شجبت جامعة الدول العربية الخطوة الإثيوبية، ورفضت على لسان المتحدث باسم الجامعة استغلال إثيوبيا لهشاشة الأوضاع الداخلية في الصومال لاقتطاع جزء من أراضيه.
فبعد شهرين ونصف من تصريح أبي أحمد الذي قال فيه:” إن حصول إثيوبيا على منفذ بحري لبلاده بات مسألة حياة أو موت، وأنه حان الوقت لمناقشة الموضوع علناً من دون مواربة، وأن البحر الأحمر ونهر النيل هما ثنائيان يحددان مصير إثيوبيا، وأساس تنميتها أو تدميرها”، وقّع مؤخرا رئيس الوزراء الإثيوبي مذكرة تفاهم مع “رئيس” أرض الصومال “صومالي لاند” التي أعلنت انفصالها عن الصومال في مايو 1991، من دون أن تحظى بأي اعتراف من أي دولة في العالم.
وقال رئيس” أرض الصومال موسى بيهي عبدي في كلمته التي ألقاها في حفل التوقيع على مذكرة التفاهم، “: “من المقرر أن تصبح جمهورية إثيوبيا الفيدرالية أول دولة أفريقية تعترف رسمياً بجمهورية أرض الصومال، وستقوم جمهورية أرض الصومال بتأجير 20 كيلومتراً من البحر لإثيوبيا، وستتمكّن إثيوبيا من استخدام ميناء بربرة.
وقال مكتب رئيس الوزراء الإثيوبي، إن مذكرة التفاهم تهدف إلى تحقيق الشراكة والتعاون، بين جمهورية إثيوبيا وأرض الصومال، ولتكون إطاراً لتعزيز الشراكة الأمنية والاقتصادية والسياسية بين الجانبين، وتمهيد الطريق لتحقيق تطلعات إثيوبيا في تأمين الوصول إلى البحر وتنويع وصولها إلى الموانئ البحرية.
واكدت مصادر مطلعة أن الاتفاق سيمكّن إثيوبيا من استئجار منفذ في البحر الأحمر من أرض الصومال لاستخدامه كقاعدة عسكرية، ولأغراض تجارية لمدة 50 عاماً، مقابل اعتراف إثيوبيا بدولة أرض الصومال، ومنحها حصة من أسهم في شركة الخطوط الجوية الإثيوبية التي تعدّ أكبر شركة طيران في القارة الأفريقية، أو أسهماً في شركة الاتصالات الإثيوبية (إثيو تيليكوم).
وقد أثار توقيع هذه المذكرة غضبة دولة الصومال التي استدعت سفيرها من أديس أبابا للتشاور، وأعلنت رفضها وإدانتها لمذكرة التفاهم الموقعة بين إثيوبيا وأرض الصومال، ووصف بيان صادر عن مجلس الوزراء الصومالي المذكرة بالباطلة، وأنها تمثل انتهاكاً لسلامة الصومال ووحدة أرضه.
وقال بيان رئيس الوزراء الصومالي إن أحداً لا يستطيع التصرف أو التنازل عن أي جزء منها.
من جانبها، رفض جيبوتي المذكرة وعبّرت عن رفضها لها؛ كونها تمس وحدة دولة الصومال وسيادتها، وعبّر السودان عن موقف مماثل للموقف الجيبوتي الرافض لتفتيت وحدة دولة ذات سيادة وتتمتع بعضوية الاتحاد الأفريقي والجامعة العربية والأمم المتحدة.
وبالنسبة للموقف المصري، فقد أعلنت الحكومة المذكرة ودعمها لموقف دولة الصومال قوياً على لسان الرئيس المصري في المكالمة التي جرت بين الرئيس الصومالي “حسن شيخ محمود” والرئيس المصري “عبد الفتاح السيسي” في اليوم التالي لتوقيع مذكرة التفاهم.
وأكد بيان وزارة الخارجية المصرية، الذي صدر الأربعاء الماضي، ضرورة الاحترام الكامل لوحدة جمهورية الصومال الفيدرالية وسيادتها على كامل أراضيها، ورفضها لأي إجراءات من شأنها الافتئات على السيادة الصومالية، مشددةً على حق الصومال وشعبه دون غيره في الانتفاع بموارده، وحذّر البيان من خطورة تزايد التحركات والإجراءات والتصريحات الرسمية الصادرة عن دول في المنطقة وخارجها، والتي تقوّض عوامل الاستقرار في منطقة القرن الأفريقي، وتزيد من حدة التوترات بين دولها.
وأكدت مصر على ضرورة احترام أهداف القانون التأسيسي للاتحاد الأفريقي، ومنها الدفاع عن سيادة الدول الأعضاء ووحدة أراضيها واستقلالها، وعدم تدخل أي دولة عضو في الشؤون الداخلية لدولة أخرى.
وشددت الولايات المتحدة، أمس، على وجوب احترام سيادة الصومال بعد الاتّفاق المثير للجدل الذي وقّعته إثيوبيا مع إقليم “صومالي لاند” الانفصالي وحصلت بموجبه على منفذ بحري.
يذكر أن دولة الإمارات العربية ترتبط بعلاقات وثيقة مع دولة إثيوبيا، وأن شركة موانئ دبي سبق أن وقّعت اتفاقاً مع أرض الصومال “صومالي لاند” عام 2016 بقيمة 442 مليون دولار، وذلك لتشغيل مركز تجاري ولوجستي إقليمي في ميناء بربرة، ووقعت معها اتفاقية أخرى عام 2018 لتطوير مشروع منطقة اقتصادية حرة بحصة بلغت 51 % من المشروع لصالح الشركة، و30% لصالح أرض الصومال، و19% لصالح إثيوبيا.
وتشهد العلاقات بين الإمارات وإثيوبيا حالة من التطور ، حيث اشترك سلاح الطيران في البلدين في العرض العسكري المشترك الذي تم في 16 ديسمبر في إحدى القواعد العسكرية الإثيوبية.
الغريب أن التوقيع على مذكرة التفاهم بين إثيوبيا وأرض الصومال “صومالي لاند” ، جاء بعد أيام قليلة من مباحثات مشتركة جرت بين حكومة الصومال وأرض الصومال بمبادرة ورعاية من الرئيس الجيبوتى “إسماعيل عمر جيلي” بحث وحدة أرض الصومال ووحدة كيان الدولة.
كما جاء التوقيع في ظل أزمة سياسية داخلية في إثيوبيا والتي تشهد حروباً وصراعات داخلية بين السلطة المركزية وعدد من الأقاليم ذات الثقل السياسي والديموجرافي، ومن أمثلة هذه الصراعات الصراع مع الأورومو والأمهرا والتجراي وبني شنقول، وهي صراعات تهدد وحدة إثيوبيا التي تمضي عبر مذكرة التفاهم هذه إلى الاعتراف بانفصال أرض الصومال عن الوطن الأم، من دون اعتبار لانعكاس ذلك على أوضاع إثيوبيا الداخلية القابلة للتفاقم، والذي يمكن أن يفضي إلى التأثير السلبي على سلامة أراضيها ووحدتها.
ويأتي التوقيع على هذه المذكرة، في ظل احتدام الصراع في البحر الأحمر، لا سيما بعد دخول اليمن وبشكل رسمي مناصراً لفلسطين في مواجهة الحرب التي أشعلتها “إسرائيل” في غزة منذ 3 أشهر، وفي ظل محاولات غربية -صهيونية تقودها أمريكا لتشكيل تحالف دولي لمواجهة اليمن، ولتحييده من المشاركة في الصراع العربي-الإسرائيلي الذي تمثل الحرب في غزة وعليها تجلياً من تجلياته.
اما الدور الفرنسي ليس بعيداً فمن المعروف أن حكومة ماكرون داعمة لإثيوبيا ومحرضة لها لاستعادة الدور العسكري للإمبراطورية الإثيوبية في البحر الأحمر، والذي فتح له التوقيع على مذكرة التفاهم أفقاً جديداً يعزز الشراكة الثلاثية الإثيوبية-الإماراتية في أرض الصومال، وتدفع بها في أتون الصراع الدولي على البحر الأحمر بمياهه وسواحله وموانئه، وعلى منطقة القرن الأفريقي بموقعها الجيواستراتيجي.
والدور الفرنسي المعلن في منطقة القرن الأفريقي، والأدوار الأخرى المستترة من “إسرائيل” ودولة عربية حليفة لها، تعمق الصراع الدولي بين روسيا والصين من جهة والمعسكر الكلونيالي ممثلاً في فرنسا وبريطانيا وأمريكا من جهة ثانية، خاصة في ظل تمدد النفوذ الصيني -الروسي في أفريقيا على حساب النفوذ الكلونيالي الغربي التاريخي في القارة السمراء، قارة الموارد والمستقبل.
ومن المتوقع أن تجدد الخطوة التي اتخذتها إثيوبيا في الأول من هذا الشهر مع أرض الصومال، الصراعات مع إثيوبيا، فالصومال الذي ما يزال يطالب باسترداد إقليم أوغادين الصومالي من إثيوبيا يواجه تحدي المحافظة على أراضيه الحالية من أي أطماع جديدة، وأريتريا التي دخلت في حرب مع إثيوبيا بسبب الصراع على أراض أريترية، أثار قلقها تصريح رئيس الوزراء الإثيوبي الذي عبّر فيه عن مطامع بلاده في منفذ بحري، ودفعها إلى الاستعداد للحرب، كما أن السودان الذي استرد جزءاً من أراضيه في منطقة الفشقة من إثيوبيا ما يزال جيشه رغم الحرب الدائرة في الخرطوم ودارفور يوجه فوهات بنادقه نحو إثيوبيا.
كما أن جيبوتي لم تخفي قلقها من إثيوبيا لتهديدها الاستراتيجي للأوضاع فيها تعبّر عن تعاظم مخاوفها من الأطماع والسياسات الإثيوبية، ومصر التي تربطها علاقات قوية بأريتريا والصومال وجيبوتي والسودان، وترى في إثيوبيا خطراً استراتيجياً عليها، خاصة بعد أزمة مشروع سد النهضة ورفض إثيوبيا إبرام اتفاق قانوني ملزم ينظم عمليات ملء وتشغيل السد ليحفظ لدولتي المصب حقوقهما، وليزيل مخاوفهما.