منوعات

درسان في سورة البقرة من الله لإبراهيم وذريته

 

في قوله تعالى : ” وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن قال إني جاعلك للناس إماما قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين (124) البقرة . فقد اختبر الله سيدنا إبراهيم عليه السلام في تنفيذ الكلمات – التي قال البعض إنها شرائع الإسلام, وقال البعض هي خصال عشر من سنن الإسلام. وقال بعضهم: بل ” الكلمات ” التي ابتلي بهن عشر خلال; بعضهن في تطهير الجسد, وبعضهن في مناسك الحج – وقد أتم إبراهيم العمل بهذه الكلمات، فقال الله له :” قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا ” أي مصيرك للناس إماما، يؤتم به ويقتدى به، فلمّا رفع الله منـزلته وكرمه, فأعلمه ما هو صانع به، من تصييره إماما في الخيرات لمن في عصره، ولمن جاء بعده من ذريته وسائر الناس غيرهم، يهتدى بهديه ويقتدى بأفعاله وأخلاقه – فقال : يا رب، ومن ذريتي فاجعل أئمة يقتدي بهم، كالذي جعلتني إماما يؤتم بي ويقتدى بي . فأوضح الله له المسألة أن الإمامة ليست بالوراثة، وإنما بالعمل الصالح؛ ولذلك لا يمكن أن ينالها أي ظالم سواء من ورثتك او غيرهم، فهي اصطفاء لا دخل للوراثة فيها؛ لذا قال الله :” لا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ” .
أما في قوله تعالى : ” وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَٰذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُم بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۖ قَالَ وَمَن كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَىٰ عَذَابِ النَّارِ ۖ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (126) البقرة نلاحظ أن إبراهيم فهم الدرس، فعندما دعا لأهل البيت وهم من ذريته من إسماعيل ابنه وزجه هاجر، وبعد أن عم الدعاء فقال ” وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ ” أي جميعهم، فتذكر الدرس السابق وظن أنه ينبغي أن يستثني الظالمين، فقال : ” مَنْ آمَنَ مِنْهُم بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ “، هنا كان الدرس الثاني، حيث أوضح له الله أن مسألة الرزق تختلف عن مسألة الإمامة، ففي الإمامة يصطفي الله فقط من المؤمنين وليست بالوراثة .

أما في الرزق فهو يرزق المؤمن والكافر، ولا يكون حساب الكافر بكفره في الدنيا فيمنع عنه الرزق، ولكن يكون حسابه يوم القيامة ﴿ قَالَ وَمَنْ كَفَرَ ﴾ أي: قال الله: وأرزق من كفر، أو: ومن كفر أرزقه أيضاً، فعم بالرزق من آمن ومن كفر، كما قال تعالى: ﴿ كُلًّا نُمِدُّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا ﴾ [الإسراء: 20].

كتب د/ حربي الخولي

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى