كتب د. حربي الخولي
بدعوة كريمة مباركة من صديقي العزيز الغالي أستاذنا الدكتور محمد شبانه DrMohamed Shaban كبير مفتش الآثار بوزارة السياحة، نتحدث اليوم عن أصل مدينة الزقازيق، ومدينة ههيا، التابعتين لمحافظة الشرقية، تلك المحافظة العريقة القديمة قدم مصر كلها، والتي اطلق عليها اسم الشرقية في أيام الفاطميين نظرا لأنها تقع في الاتجاه الشرقي لمصر . ومدينة الزقازيق هى عاصمة محافظة الشرقية، وتعتبر من كبري مدن وجه بحري، وتقع علي بحر مويس، وبها من الآثار القديمة الكثير المتنوع بين فرعوني وقبطي وإسلامي وروماني الخ. وترجع نشأة الزقازيق كمدينة إلى عام 1833 ففي ذلك الوقت فكر محمد علي في استغلال أراضي الشرقية استغلالا أمثل بإنشاء الترع والقناطر والطرق، فأنشأ قناطر على بحر مويس أطلق عليها اسم القناطر التسع – لا تزال قائمة إلى الآن – وكانت تلك هي البداية لإنشاء مدينة الزقازيق التي هناك روايات مختلفة عن سبب تلك التسمية، فالرواية الاولى تذكر أنه عندما أمر محمد علي باشا بإنشاء القناطر أقام العمال عششا من الطين على جانبي بحر مويس وتبعهم في ذلك باعة المأكولات ونحوها، وتكاثر الناس وكان منهم من يهتم بهواية الصيد فوجد ببحر مويس نوعا من الأسماك يسمى الزقزوق نظراً لإصداره صوت الزقزقة، فسميت المدينة باسمه. وهناك رواية ثانية ترجع سبب التسمية إلى الشيخ أحمد الزقزوقي الكبير الذي كان يقيم في هذا المكان منذ مئات السنين، وعرف بأنه ولي صالح ودعوته مستجابة فتجمع من حوله الناس، فنشأت الزقازيق في بادئ الأمر كقرية صغيرة ومع النمو العمراني باتت مدينة وعاصمة لمحافظة الشرقية، ورأي يقول : ترجع أصل التسمية إلى عائلات الزقازيق أو الزقزوقى وهى عائلة ذات أصول عربية نزل قسم منها في كفر الزقازيق البحري والآخر في كفر الزقازيق القبلي . وهناك رأي له وجاهته وأرجحه ويذكر أن كلمة الزقازيق ترجع للأصل القبطي، وهي كلمة قبطية كانت موجود من أيام الفراعنة، وهي كلمة “چقاچيق” أو كلمة چيكچيك (γεκγεκ)، والتي تعني السمكة الصغيرة، ولما كان المصريون يحولون الجيم المعطشة أحيانا إلى “زاي” مثل ” جوسر” صارت “زوسر”، و”جاكته” تصير عند البعض “زكته” الخ، فقد تم تحويل الجيم المعطشة في “چيكچيك” فصارت “زكزيك” أو “زقازيق”. وقد ورد اسم كفر الزقازيق بخريطة الوجه البحري التي رسمها علماء الحملة الفرنسية في سنة 1800 وورد محرفا باسم كفر زجزي. ويحظى بحر مويس الذي أقيم على جانبيه كثير من بيوت ومنازل الزقازيق بمكانة خاصة، حيث يعتقد البعض أنه اليم الذي جاء ذكره في القرآن الكريم، وفيه ألقي نبي الله موسى من قبل أمه وهو رضيع في تابوت إلى أن عثرت علية آسيا امرأة فرعون، ومن هنا جاءت تسميته بحر مويس ، كما يروى أن نبي الله إبراهيم عندما جاء إلى مصر مع زوجته سارة مر بأرض الزقازيق وتحديداً في منطقة تل بسطة.
أما عن مدينة “ههيا” المعروفة تاريخياً باسم “الجزيرة البيضاء”، فقد ذكر في سبب تسميتها آراء كثيرة، وقد خصها عالم المصريات والجغرافيا الفرنسي الشهير هنري جوتيه (19 سبتمبر 1877 – 1950) بالحديث عنها وذكر أن اسمها قرية “Hehou”، وقال إنه اسم ناحية بالوجه البحري، وغالبا هو الاسم المصري القديم لبلدة ههيا لقرب الشبه بينهما، وقد وردت في تحفة الإرشاد باسم ههيه، ويعتقد البعض أيضا بأنها سميت بهذا الاسم نسبة إلى عمرو بن العاص عندما فتح مصر، وعندما مر بها قال : هاهي جنة الله الخضراء، وحرفت الكلمة من هاهي إلى ههيا . وقد عثر بمدينة ههيا على بعض الآثار المتنوعة من العصور المختلفة؛ مما يؤكد قدمها وأصالتها، فقد عثر على بعض آثار الجثث المحنطة في “عزبة فهمي” دلت الوقائع بعدها على رجوعها للعصر البطلمي، كما عثر على تمثال للملك بطليموس الثاني بأراضيها. ويقال إنه قد خرج الملك مينا موحد القطرين من قرية “الحسينية” التابعة لمركز ههيا، وفي العصر الإسلامي نجد الكثير من المصادر التى تتحدث عن مدينة “ههيا” وضواحيها فمنها قرية “المحمودية” والتي عرفت بأن مقابرها إحدى مخازن سيدنا يوسف لتخزين القمح، حيث عثر بها على حجر كريم منقوش عليه “شونة قمح” . ويتميز أهل الشرقية وههيا بصورة عامة بالكرم والنخوة والشهامة والكثير من صفات الجود .
إتبعنا