قراءة تحليلية في ابعاد أزمة الصحراء الغربية وقابليتها للحل فهل ستقبل اطراف النزاع بدعوة سلام لحلها ؟

تعتبر ازمه الصحراء الغربية واحده من ابرز الازمات الجيوسياسيه التي برزت على السطح السياسي المغاربي الافريقي بشكل كبير بدات فصول هذه الازمه في السبعينيات من القرن الماضي بين المغرب العربي وجبهه البوليساريو المدعوم جزائرياً وغير جزائري .
والمتتبع لفصول هذه الازمه بشكل عميق سيجد انها لم تكن وليده اللحظه فحسب بل بدات منذ الاستعمار الاسباني للصحراء الذي كان لسنوات تحت سيطره ذلك الاستعمار وبعد الجلاء منها تقاسمت المغرب وموريتانيا الصحراء بين الجانبين,وعلى اثر ذلك ظهرت جبهة البليساريوا كتنظيم مسلح من ابناء الصحراء يطالب بحقه في الاستقلال.
وبعد معارك سياسيه وعسكريه على الارض بين الجيش المغربي وجبهه البوليساريو فحصلت الصحراء الغربيه على الاستقلال عن المغرب في عام 1976،واعترفت كثير من الحكومات بقيام الجمهوريه العربيه الصحراويه كدولة مستقله واصبحت عضو في الاتحاد الافريقي بموجب نص اتفاق وقف إطلاق النار الموقع عام 1991.
ويقول المغرب الذي يسيطر على ثمانين في المئة من أراضي الإقليم إن الصحراء الغربية جزء لا يتجزأ من أراضيه ولا يمانع في حصول الإقليم على حكم ذاتي على أن يظل تحت السيادة المغربية، فيما تصر جبهة البوليساريو بدعم من الجزائر المجاورة على استفتاء لتقرير المصير، عن المغرب فخاضت حروب عسكرية بين الجيش المغربي البوليساريو خلف ماسي رهيبة وانتهاكات جسيمه لحقوق الإنسان ونزوح الالاف إذ لجأ خلال هذه الحرب الكثير من الصحراويين إلى الجزائر حيث يقيمون في مخيمات منذ عقود ويتباين تقدير عددهم حيث ينسب موقع المفوضية العليا لشؤون اللاجئين للحكومة الجزائرية القول إنه يوجد 165 ألف لاجئ صحراوي في المخيمات الخمس الموجودة قرب تندوف في حين تشير بعض وكالات الأمم المتحدة إلى أن العدد يتراوح بين 90 و125 ألف لاجئ.
وتشير وكالات الأمم المتحدة إلى أن هؤلاء اللاجئين يعيشون في ظل ظروف صعبة وبات من الضروري التدخل العربي والأفريقي والاممي لانقاذ هؤلاء اللاجئين الذين يحتاجون الغذاء والماء والدواء وكل مقومات الرعاية والاهتمام .
في الوقت ذاته ما زالت المغرب تعتبر الصحراء جزء من ترابها وبعد اعتراف بقيام الجمهوريه العربية الصحراوية وهو الامر الذي حظا بعنايه ودعم الجزائر لنيل الاستقلال وعلى اثر ذلك سلم ملف هذه القضيه الى الامم المتحده بعد عمليه نزاع بين الطرفين لجأت المغرب الى محكمة العدل الدولية لحل الازمه بين الجانبين وهنا وضع ملف الازمه على طاوله المحكمة لسنوات على امل لحله وانهاء بؤر الاحتقان بين الجانبين لكن الامر طال وتوسعت دائره الازمه يوما بعد اخر ولم تنجح العدل الدولية في حل هذه الازمه القضيه وإيقاف نزيف الدم لكن اتسأل من المستفيد من تاجيج الازمه بين الاخوه الواحده في الارض والتراب والجغرافيا ولمصلحة من ؟.
ومنذ ذلك الحين اصبح ملف ازمه الصحراء الغربيه على طاوله العدل الدولية كمحكم لحل القضية لكني لا اعتقد ان مساعي العدل الدولية لحل هذه الازمه سيفضي او سيخرج الى الواقع عن قريب بقدر ما يوحي بان اطاله امد الازمه والنزاع بين الجانبين ستاخذ ربما لسنوات قادمة لكن السؤال هنا ما هو السبب لاطاله امد هذه القضيه ولماذا لا تنجح العدل الدولية في حل هذه القضيه جذريا هل هو تقصير لمحكمة العدل الدولية؟ وهل العدل الدولية ستفشل فشل ذريعا في حل هذه القضية؟، ام ان سياسة التدخلات الخارجيه والدوليه ما زالت تعرقل مساعي العدل الدولية وتلعب في هذا الملف الشائك والمعقد في سياق مصالحها الجيو السياسية؟ بكل تاكيد قد يكون هذه الاسباب او هذا السبب الاخير هو العامل الاساسي لاطاله عمر هذه القضيه وتوسيع رقعتها وخاصه عن حديث الاعلام عن تدخلات خارجيه واضحة اصبحت تلعب في هذا الملف بشكل جلي وواضح بدايه من الدور الفرنسي والاسباني والغربي والاوروبي والايراني الذي اصبح ايضا يعلب بالنار مع هذا الطرف أو ذاك ودعم هذا الطرف أو ذاك هو المستفيد من اطاله هذه القضيه وتوسيع رقعه النزاع بين الاخوة .
اما الدور الجزائري ودعمه للجبهه بات واضح كما تتهم المغرب العربي الجزائر بانها الدعم الاساسي ووقوفها الى جانب الجبهه لتقسيم المغرب العربي والنيل من وحده التراب المغربي الواحد كما تعتبر المغرب تدخل الجزائر ودعمها للجبهة بالعدواني السافر في شان المغربي على حد تعبيرها وعلى اثر ذلك انقطعت العلاقات الدبلوماسيه بين الجزائر والمغرب لسنوات وارتفعت وتيره الاحتقان السياسي بينهما ربما يقود الى قطع العلاقات الدبلوماسيه والسياسيه دون رجعه وهذا لن يتحقق بعون الله ,اعتقد ان استمرار الصراع او النزاع او الخلاف السياسي بين الاخوة الواحدة المغرب والجزائر حول ملف الصحراء الغربية لن يتطور الى حد قطع العلاقات الدبلوماسيه السياسيه بشكل دائم وكلي وان مستقبل عودة العلاقات الاخوية بين البلدين المغرب والجزائر وحلفاءها البوليساريو قابله للنمو مجددا اذا ما توفرت الاراده السياسيه والنوايا الصادقة لدى الجانبين لايجاد حل للازمه بشكل مرضي وعادل بين الطرفين وعبر وسيط وراعي سلام بينهم في حال رغبة الجانبين لأنها النزاع وخاصة مع بروز واقع ومناخ سياسي ودبلوماسي مفتوح امام كل الاطراف بما يؤكد أن أزمة الصحراء الغربية ليست صعبه بهذا القدر وقابلة للحلول وهو الامر الذي سيعجل بعوده تلك العلاقات وإنقاذ الالاف الأبرياء وعوده المياه الى مجاريها بمجرد الجلوس على طاولة حوار لحل نقاط الخلاف وانها النزاع فهل يا ترى ستقبل اطراف النزاع بدعوات السلام لحلها؟
د.فارس قائد الحداد
باحث باازمات وقضايا الشرق الاوسط وافريقيا
صحافي وحقوقي يمني*
📧 alfaris.qaid@gmail.com