مقالات

قمة بارقة الأمل .. ولكن أين آليات التنفيذ؟!

أضاءت القمة العربية بارقة أمل في انه يمكن أن يكون العرب على قلب رجل واحد في قضاياهم  الأساسية وفي القلب فلسطين ، وحتى ولو لم يشعل القادة كل مصباح التفاؤل لكن هي بداية يمكن البناء عليها في وقف الغطرسة الإسرائيلية بدعم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

فقد نص البيان الختامي للقمة العربية الطارئة التي استضافتها مصر اليوم الثلاثاء، على بعض الايجابيات وإن لم يقدم خطوات ضمان تنفيذها، حيث  اعتمدت القمة الخطة المصرية لإعادة إعمار غزة رافعين شعار لا لخطة ترامب بتهجير أهالي القطاع، ودون مساس بثوابت القضية الفلسطينية.

اكد القادة العرب على أن تمسكهم بتحقيق السلام العادل والشامل الذي يلبي جميع حقوق الشعب الفلسطيني، وخصوصا حقه في الحرية والدولة المستقلة ذات السيادة على ترابه الوطني على أساس حل الدولتين، وحق العودة للاجئين الفلسطينيين ويضمن الأمن لجميع شعوب ودول المنطقة بما في ذلك إسرائيل، استناداً لمبادرة السلام العربية للعام 2002 التي تعبر بثبات ووضوح التزام الدول العربية حل جميع أسباب النزاع والصراعات في المنطقة لإحلال السلام والتعايش المشترك، وإقامة علاقات طبيعية قائمة على التعاون بين جميع دولها.

ورفض القادة كل أشكال العنف والتطرف والإرهاب التي تستهدف زعزعة الأمن والاستقرار وتتنافى مع القيم والمبادئ الإنسانية والقوانين الدولية، مطالبين الولايات المتحدة الأمريكية، وكافة الشركاء في المجتمع الدولي، بالعمل على استئناف مفاوضات السلام بغية التوصل إلى حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية، على أساس إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وتجسيد الدولة الفلسطينية على أساس حل الدولتين ووفق قرارات الشرعية الدولية، وبما يضمن إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة على خطوط الرابع من يونيو حزيران 1967 وعاصمتها القدس الشرقية لتعيش بأمن وسلام إلى جانب إسرائيل، والدعوة إلى عقد مؤتمر دولي لإقامة الدولة الفلسطينية.

واتفق القادة على الوقوف في وجه ممارسات رئيس وزراء الكيان ومراوغاته للهروب من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة ، حيث أكد البيان الختامي على الأولوية القصوى لاستكمال تنفيذ الاتفاق لمرحلتيه الثانية والثالثة، وأهمية التزام كل طرف بتعهداته، وخاصة الطرف الإسرائيلي، وبما يؤدي إلى وقف دائم للعدوان على غزة وانسحاب إسرائيل بشكل كامل من القطاع، بما في ذلك من محور “فيلادلفيا”، ويضمن النفاذ الآمن والكافي والآني للمساعدات الإنسانية والإيوائية والطبية، دون إعاقة وتوزيع تلك المساعدات بجميع أنحاء القطاع، وتسهيل عودة أهالي القطاع إلى مناطقهم وديارهم، والتنويه إلى الدور الإيجابي الذي اضطلعت به ادارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار في غزة وإطلاق سراح الرهائن والمحتجزين بالتعاون مع جمهورية مصر العربية ودولة قطر، والبناء على تلك الجهود بالعمل مع الرئيس الأمريكي على وضع خطة تنفيذية متكاملة لمبادرة السلام العربية

وأكد البيان على سرعة التحرك على المستوى الدولي، لاسيما بالأمم المتحدة ومع الدول دائمة العضوية بمجلس الأمن بالتنسيق مع العضويين العربيين غير الدائمين بمجلس الامن الجزائر والصومال، في اطار جهودهما الملموسة في دعم القضايا العربية بوجه عام والقضية الفلسطينية بوجه خاص، وذلك لبحث التحركات والإجراءات التي يمكن اتخاذها في مواجهة المحاولات الرامية لتصفية القضية الفلسطينية، وكذلك العمل على حشد الضغوط الدولية لفرض انسحاب إسرائيل من كافة الأراضي العربية المحتلة، بما فيها في سوريا ولبنان، وذلك عبر التنسيق اللازم من خلال مجالس السفراء العرب وبعثات الجامعة العربية بالعواصم المختلفة.

وبالطبع اعتمد القادة العرب بالقرار الفلسطيني بتشكيل لجنة إدارة غزة تحت مظلة الحكومة الفلسطينية، التي تتشكل من كفاءات من أبناء القطاع، لفترة انتقالية بالتزامن مع العمل على تمكين السلطة الوطنية للعودة إلى غزة، تجسيداً للوحدة السياسية والجغرافية للأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967؛ مع التأكيد في هذا الصدد أن ملف الأمن هو مسؤولية فلسطينية خالصة، ويتعين أن يدار من قبل المؤسسات الفلسطينية الشرعية وحدها وفقاً لمبدأ القانون الواحد والسلاح الشرعي الواحد، وبدعم كامل من المجتمع الدولي.

ودعا البيان الختامي مجلس الأمن إلى نشر قوات دولية لحفظ السلام تسهم في تحقيق الأمن للشعبين الفلسطيني والإسرائيلي في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة، على أن يكون ذلك في سياق تعزيز الأفق السياسي لتجسيد الدولة الفلسطينية.

وشدد البيان على أهمية توحيد الصف الفلسطيني ومختلف الأطراف الوطنية الفلسطينية تحت مظلة منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني.

كما جدد القادة العرب بموجب البيان الختامي للقمة المطالبة بوقف العدوان الاسرائيلي في الضفة الغربية بما في ذلك الاستيطان والفصل العنصري وهدم المنازل ومصادرة الأراضي وتدمير البنى التحتية والاقتحامات العسكرية للمدن الفلسطينية، وانتهاك حرمة الأماكن المقدسة وتأكيد الرفض الكامل، والإدانة لأي محاولات لتهجير الفلسطينيين داخلياً من مخيمات ومدن الضفة الغربية أو لضم أجزاء من الضفة تحت أي مسمي أو ذريعة، الأمر الذي يهدد بتفجير الموقف برمته بشكل غير مسبوق، وبما يزيد الوضع الإقليمي اشتعالا وتعقيدا.

بشكل عام فإن القمة أرسلت عدة رسائل لأمريكا ودولة الاحتلال الإسرائيلي انهم يعرفون جيدا المخطط التي يحاول نتنياهو تنفيذه بالعدوان على غزة فهو يسعى إلى تفريغ القطاع من سكانه بالقوة، وإعادة الإعمار يجب أن تتم في وجود سكانها دون تهجير قسري.

ولم تنسى القمة على التأكيد بأن القدس ليست مجرد مدينة، بل رمز لهويتنا وقضيتنا المركزية.

وكان بطل القمة هو أنطونيو جوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة، الذي شدد على ضرورة تجنب “بأي ثمن” استئناف الأعمال “العدائية” في قطاع غزة التي “من شأنها أن تغرق الملايين مرة أخرى في هاوية المعاناة وتزيد من زعزعة الاستقرار في المنطقة”، ودعا إلى استئناف المفاوضات الجادة لوقف إطلاق النار بجميع جوانبه دون تأخير.

وطلب بسرعة إيصال المساعدات الإنسانية وأنها غير قابلة للتفاوض؛ يجب أن تتدفق دون عوائق، ويجب تمويل الاستجابة بشكل كاف، ويجب حماية المدنيين – بمن فيهم العاملون في المجال الإنساني؛

وفي كلمة جريئة وصف جوتيريش الوضع الذي يتكشف في الضفة الغربية على أنه “مثير للجزع”، والتي تشهد أكبر عملية تهجير منذ عقود وسط استخدام الغارات الجوية والدبابات من قبل القوات الإسرائيلية لأول مرة منذ أكثر من عقدين من الزمن، بينما عنف المستوطنين في تزايد.

إما السلبية التي أعتقد أن القادة العرب تجاهلوها هي كيفية ضمان تنفيذ قراراتهم في ظل هذه الممارسات العدوانية والتحايل الإسرائيلي الذي يقوده نتنياهو ووزراء الدم والذي يحاولون الحصول على كل شيئ دون تقديم أي ضمانات .

صحيح جاءت القمة لتؤكد على عدم التهجير القسري لسكان القطاع لكن أيضا إدارته من قبل لجنة وطنية كان من المفترض أن تضم كافة طوائفه الشعب الفلسطيني وليس فصيل معين ثبت فشله في كل المراحل ، ضمانا للحفاظ على حق الشعب الفلسطيني في الدفاع عن نفسه في مواجهة الاعتداء الإسرائيلي المستمر.

وكان على القمة أن تصدر بيانا حول استمرار المساعدات الإنسانية وأنها ليست مجالا للتفاوض كما قال أمين عام الأمم المتحدة، وبالتالي كسر الحصار عن القطاع، وبينها سيعلن نتنياهو وترامب أن الموقف العربي واضح وبالتالي التفاضل بقوة في المرحلة القادمة.

شريف حمادة

كاتب وصحفي مصري

alarabicpost.com

موقع إخباري عربي دولي.. يتناول آخر الأخبار السياسية والاقتصادية والثقافية والرياضية، إضافة إلى التحقيقات وقضايا الرأي. ويتابع التطورات على مدار 24

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى