منوعات

قولهم ” يا أيها الساحر ” للمدح أم للذم ؟

في دلالة اللغة

كتب د/حربي الخولي
قال تعالى عن حديث فرعون وملئه لموسى : ( وقالوا يا أيها الساحر ادع لنا ربك بما عهد عندك إننا لمهتدون ( 49 ) فلما كشفنا عنهم العذاب إذا هم ينكثون ( 50 )) فكيف يطلبون منه أن يدعو لهم ربه بعهده الذي عاهد به موسى وهم يذمون موسى ويلقبونه بالساحر، خاصة وهم يطلبون منه أن يرفع رب موسى عنهم العذاب ؟
والجواب أن كلمة الساحر في عهدهم ولغتهم لم تكن تعني ما تعنيه بعد ذلك وبعد الإسلام وحتى العصر الحديث من الدجل والشعوذة والبعد عن منهج الله، والذي يأتيه – الساحر أو العراف – لا تقبل صلاته أربعين يوما، فالساحر كان عندهم معناه : العالم ، ولم يكن السحر عندهم ذما ، وإنما دعوه بهذا الاسم ، لأن معناه عندهم كان : يا أيها العالم بدليل قولهم ( إننا لمهتدون ) ؛ أي إنا لمتبعوك فمصدقوك فيما جئتنا به ، وموحدوا الله فمبصروا سبيل الرشاد . كما نجد أنهم يجعلون الساحر بمعنى العالم واضحا في قول قوم فرعون له عندما عرض موسى معجزاته، فوصفوه بالساحر العالم، وطلبوا من فرعون أن يأمر بإحضار مثله من السحرة العلماء ” يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ ﴿١١٢ الأعراف﴾” بما يعني التوقير والإجلال لعلمه أو سحره ، ” وَقَالَ فِرْعَوْنُ ائْتُونِي بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ ﴿٧٩ يونس﴾”، لكن سحر الساحر مذموم عند الله في كل عصر وزمن؛ لذا أمر الله موسى قائلا :” وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا ۖ إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ ۖ وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَىٰ ﴿٦٩ طه﴾ “، وكان السحر مذموما عند العرب من قبل الإسلام :” وَعَجِبُوا أَن جَاءَهُم مُّنذِرٌ مِّنْهُمْ ۖ وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَـٰذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ ﴿٤ ص﴾ ” . والله أعلى وأعلم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى