“مصر.. دولة العواجيز وغياب الجيل الثاني!!

لم يكن قرار رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي باختيار المجلس الأعلى للثقافة من شخصيات تجاوزت أعمارها السبعين والثمانين مجرد اختيار بروتوكولي، بل كشف عن خلل هيكلي أعمق في بنية الدولة المصرية: غياب آلية حقيقية لتجديد النخب وصناعة جيل ثانٍ من القادة والمفكرين وصنّاع القرار.
ففي دولة يتجاوز نصف سكانها سن الثلاثين، يبدو المشهد أكثر عبثية حيث تحتكر النخبة الأكبر سنًا زمام الأمور، سواء في الثقافة أو الإدارة أو حتى الاقتصاد، بينما يُستبعد الشباب – حتى الأكفأ منهم – من مواقع التأثير الحقيقية.
الأخطر من ذلك، أن كثيرًا من هؤلاء يتمتعون برواتب خيالية، وبدلات، وامتيازات واسعة، مع احتفاظهم بأكثر من منصب في نفس الوقت، مما حوّل المناصب إلى سبوبة مغلقة النطاق، لا علاقة لها بالكفاءة أو بالتجديد، بل بالمصالح الشخصية والولاءات.
في المقابل، يعيش قطاع واسع من الشباب في ظل بطالة خانقة، وغياب الأمل في مستقبل مهني أو إداري حقيقي، رغم الطاقات الهائلة التي يملكونها، والتي تُهدر يوميًا إما في الهجرة، أو في الانسحاب من الحياة العامة.
ففي نفس المشهد يتم تصعيد القيادات الأمنية بعد تقاعدهم، وتكرار الأسماء، وإعادة تدوير المناصب… كلها مؤشرات على أن الدولة لا تؤمن بالتغيير، بل تُعيد إنتاج نفسها باستمرار.
أما الحديث عن تمكين الشباب، فلا يتعدى كونه حفلًا أو مبادرة إعلامية موسمية، سرعان ما تنتهي بانتهاء التصوير أو انتهاء موسم الدعاية، حيث الاستعانة بهم في الأماكن الذين يمكن السيطرة عليهم من خلال اختيارهم في المجالس النيابية وطبعا لتنفيذ وتمرير القوانين .. وحتى عند اختيارهم نواب أو مساعدين للوزراء والمحافظين لا يتم منحهم الصلاحيات الكاملة .
في النهاية، تصبح الدولة رهينة لمن تعوّدوا على السلطة، ويفقد الشباب الثقة في إمكانية التغيير من الداخل، وتُغلق نوافذ الأمل، ليحل محلها الفراغ… أو الانفجار.
شريف حمادة
كاتب وصحفي مصري