نكسة يونية أمس واليوم!
الرجل لم يكذب..نحن بالفعل في أجواء مابعد نكسة يونية ٦٧..كل ماحولنا يؤكد ذلك..كان هناك انهيار اجتماعي على كل الأصعدة.. البيتلز والشارلستون والميني جيب وافلام بيروت وطوابير الجمعيات على السلع التموينية وانتشار الفقر والدعارة وأكل المش وطبقة النص بالمائة، وقبلها مباشرة كان قائد الجيش عامر في سهراته مع زوجته الفنانة التي اشتهرت بالعري والإثارة برلنتي عبد الحميد ومدير مكتبه شفيق في سهرة مشابهة مع المطربة مها صبري زوجته فجاءت الضربة او النكسة او الهزيمة واحتلال سيناء.. واليوم عراة الجونة والبلوجر الإباحية تروي بطولاتها على شاشة التلفزيون برعاية مخابراتية والفقر يدق عظام المصريين والطوابير صارت في كل شيئ في مقابل ساحل شمالي وعلمين وترف اقتصادي لطبقة “صحاري سيتي الهرم سابقا” في الستينات من الصفوة الجديدة وحكام البلد، بينما يتم بيع وتأجير كل شبر في البلد بما فيها المطارات و المواني لأشخاص ودول مجهولة .
الرجل لم يكذب ولكنه فقط نسي اهم أمرين الأول انه المسئول الأول عن ذلك ويالا المصادفة العجيبة بعد قيامه في نفس الشهر “يونية” بخطة جر المجتمع لهذه النكسة الجديدة وأنه لم يكتفي بذلك وإنما روج لنفسه بأنها نصر وإنقاذ لمصر التي وعدنا بأن نراها مختلفة ثم هانحن نتلقى الصدمة تلو الصدمة على مدار 11 عاما وآخرها مشاهدة اخواننا يذبحون على الحدود دون ان نمارس ولو عملية استنزاف واحدة للعدو الصهيوني كما حدث بعد ٦٧..بل الأدهى وأمر انه لم يحاول ولو مرة واحدة ان يمارس علينا ولو كذبا تمثيلية التنحي حتى وهو يخاطبنا في احتفال زعم أنه للنصر فإذا به يؤكد انه للهزيمة وطبعا لم ولن يفعل ..فمن يحاول الاقتراب من الكرسي هيشيله من على وش الأرض كما أعلن بنفسه.
اذن الرجل لم يكذب..نحن فقط الذين تحولنا إلى مصدومين عند كل كارثة او إغتصاب وكأننا تفاجئنا او لم نكن نعرف..ربما هذه المرة بسبب أننا كنا ننتظر من الرجل ان يمنحنا بضع جنيهات كما مهدت اجهزته خلال الساعات الماضية في مقابل التعويم الأخير الذي سيقضى نهائيا على الجنيه وعلى مستقبل هذا البلد..والعجيب أننا نعلم ذلك لكننا تغافلنا مقابل لحظات من النشوى كأي مدمن على المخدرات رغم علمنا بالنهاية المحتومة..لكنه رفض أن يمنحنا هذه “الشمة” الأخيرة واكتفى بتوبيخنا وتحذيرنا من طلب مزيد من الجرعات!! قبل أن نلقى الله “بأوفر دوز” فهل كان الرجل صادقا للمرة الأولى والأخيرة حين صارحنا بواقع النكسة المرير الذي آلت إليه احوالنا؟!
هشام لاشين
كاتب وصحفي مصري