تحقيقات وملفات

نيكاراجوا تتهم ألمانيا بزيادة الدعم العسكري لإسرائيل، ومطالبات في بريطانيا بوقف تمويل تل أبيب بالسلاح

شددت نيكاراجوا من محكمة العدل الدولية على إلزام ألمانيا بوقف دعم إسرائيل في “تدمير” الشعب الفلسطيني، الذي وصفته بأنه “يتعرض لأكثر الأنشطة العسكرية تدميراً في التاريخ الحديث”.

جاء ذلك في إطار قضية تاريخية رفعتها نيكاراجوا تتهم فيها ألمانيا بـ “تسهيل ارتكاب إبادة” بحق الفلسطينيين، وعدم وفائها بالتزاماتها تجاه القانون الدولي.

وقال الفريق القانوني لدولة نيكاراجوا، إن ألمانيا “مسؤولة عن الإبادة الجماعية في غزة بدعمها إسرائيل”، منتهكة اتفاقية منع جريمة الإبادة.

وأضاف الفريق القانوني للدولة التي تقع في أمريكا اللاتينية، أن الدعم العسكري الألماني لإسرائيل “زاد 10 أضعاف” مقارنة بعام 2022، وأن “شركات التصنيع العسكري الألمانية تحقق أرباحاً من الحرب في غزة”، مستنكراً “محاولة ألمانيا إقناعنا بأن أسلحتها لا تٌستخدم في الإبادة الجماعية في غزة”.

وأشارت المرافعة إلى المادة الثالثة من اتفاقية الإبادة الجماعية لعام 1948 والتي تشير إلى “التواطؤ” في ارتكاب الإبادة، ويشمل هذا “التواطؤ” كل الوسائل التي يمكن انتهاجها في سبيل ذلك.

وطالبت نيكاراجوا المحكمة بفرض إجراءات مؤقتة طارئة، تجبر برلين على التوقف عن تزويد إسرائيل بالأسلحة، وإلغاء قرارها بوقف تمويل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا”، وذلك لحين نظر المحكمة في القضية بشكل أوسع.

وأوضح الفريق القانوني لدولة نيكاراجوا في مرافعتها أن “ألمانيا علقت تمويل الأونروا، ما حرمها من 450 مليون دولار، دون مراعاةٍ للحرب في غزة”.

وقد سبق وأعلنت ألمانيا في يناير/كانون الثاني تعليق التمويل في انتظار نتائج التحقيق في الاتهامات الإسرائيلية بأن عدداً من موظفي الأونروا شاركوا في هجوم السابع من أكتوبر/ تشرين الأول.

وتعد جلسات الاستماع بالمحكمة الدولية والتي سوف تستمر يومين بشأن تدابير مؤقتة، جزءاً من قضية أوسع رفعتها نيكاراغوا، متهمة ألمانيا بانتهاك اتفاقية الإبادة الجماعية وقوانين الحرب بدعمها إسرائيل.

وتستند الدعوى المرفوعة من نيكارجوا في لاهاي إلى قضية منفصلة رفعتها جنوب أفريقيا، تتهم فيها إسرائيل بارتكاب جرائم إبادة جماعية في غزة، وهو ما تنفيه الحكومة الإسرائيلية.

وفي الوقت الذي تعرض فيه نيكاراجوا مرافعتها الاثنين، يشهد اليوم التالي رد ألمانيا، التي سبق أن رفضت الاتهامات، مؤكدة أنها “لم تنتهك اتفاقية منع ومعاقبة جريمة الإبادة الجماعية”.

المحامية الألمانية تانيا آن بيترز مع أعضاء الوفد الألماني خلال جلسة الاستماع في محكمة العدل الدولية، بشأن دعوى نيكاراغوا بأن ألمانيا تساعد إسرائيل في الإبادة الجماعية المستمرة في قطاع غزة

التعليق على الصورة،المحامية الألمانية تانيا آن بيترز مع أعضاء الوفد الألماني قبيل جلسة الاستماع في محكمة العدل الدولية، بشأن دعوى نيكاراغوا بأن ألمانيا تساعد إسرائيل في الإبادة الجماعية المستمرة في قطاع غزة – 8 أبريل/نيسان 2024

بريطانيا: الاستمرار في بيع الأسلحة لإسرائيل قانوني

وتتعرض حكومات الدول الغربية خلال هذه الفترة لضغوط متزايدة بغية وقف مبيعات الأسلحة لإسرائيل بسبب الطريقة التي تشن بها الحرب ضد حماس في قطاع غزة.

وكان مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة قد أيد قراراً، الجمعة الماضية، يقضي بحظر الأسلحة، إذ صوتت 28 دولة لصالح القرار، مقابل اعتراض ست دول وامتناع 13 دولة عن التصويت.

وقد صوتت الولايات المتحدة وألمانيا، أبرز دولتين تسهمان بالغالبية العظمى من واردات الأسلحة لإسرائيل، ضد القرار، وقالت ألمانيا إنها فعلت ذلك لأن القرار لم يدن حماس صراحة.

وقال نائب رئيس الوزراء ل”بي بي سي” الاثنين إنه يعتقد أنه لا يزال من القانوني للمملكة المتحدة أن تستمر في بيع الأسلحة لإسرائيل.

وكانت هناك دعوات للمملكة المتحدة لوقف تسليح إسرائيل بعد مقتل سبعة من عمال الإغاثة في غزة هذا الأسبوع، من بينها دعوات لشخصيات بارزة في حزب العمال الحكومة.

قضاة بارزون يحثون بريطانيا على وقف مبيعات الأسلحة لإسرائيل

وكان قضاة سابقون بالمحكمة العليا من بين 600 محام وجهوا رسالة إلى الحكومة تحثها على وقف صادرات الأسلحة إلى إسرائيل؛ موضحين أن المملكة المتحدة تخاطر بانتهاك القانون الدولي بشأن “خطر معقول بوقوع إبادة جماعية” في غزة.

وقد علق عمدة لندن صادق خان على مقتل فريق المطبخ المركزي العالمي في غزة بأن مبيعات الأسلحة البريطانية لإسرائيل “يجب أن تتوقف”.

فيالمقابل، يرى أوليفر دودن أن تتوقف المملكة المتحدة عن تزويد إسرائيل بالأسلحة إذا تبين أنها تنتهك القانون الدولي، لكنه أصر على أن إسرائيل تشن حربا “مشروعة”.

ليست المرة الأولى لنيكاراغوا

المحامية الألمانية تانيا آن بيترز مع أعضاء الوفد الألماني خلال جلسة الاستماع في محكمة العدل الدولية، بشأن دعوى نيكاراغوا بأن ألمانيا تساعد إسرائيل في الإبادة الجماعية المستمرة في قطاع غزة

صدر الصورة،GETTY IMAGES

التعليق على الصورة،المحامية الألمانية تانيا آن بيترز في جلسة الاستماع في محكمة العدل الدولية، بشأن دعوى نيكاراغوا بأن ألمانيا تساعد إسرائيل في الإبادة الجماعية المستمرة في قطاع غزة – 8 أبريل/نيسان 2024

تمتلك نيكاراغوا، الدولة الواقعة في أمريكا الوسطى، من بين أكثر من 150 دولة موقعة على هذه الاتفاقية، الحق في الدفاع عن أحكام الاتفاقية، كما تحتفظ – كغيرها من الدول الموقعة – بالحق في اتهام دولة أخرى رسمياً بانتهاكها.

وتابعت نيكاراغوا في الدعوى أن صدور قرار عن المحكمة في هذا الشأن يعد “ضرورياً ومُلحاً”، نظراً لأن حياة “مئات الآلاف” على المحك.

ورغم أن قرارات المحكمة ملزمة، إلا أنها لا تملك آلية لفرض تطبيقها. فسبق أن أمرت المحكمة روسيا بوقف غزو أوكرانيا، المستمر حتى اليوم.

وفي المؤتمر الصحفي بعد المرافعة، أشار رئيس وفد نيكاراغوا إلى قضية سابقة رفعتها الدولة أمام محكمة العدل في ثمانينيات القرن الماضي، متهمة الولايات المتحدة، بخرق القانون الدولي، من خلال دعم المعارضة المسلحة في الحرب ضد حكومة نيكاراغوا وتفخيخ موانئ البلاد.

وقد أقرت المحكمة حينها بأن الولايات المتحدة استخدمت القوة بشكل غير شرعي في حرب أوقعت 75 ألف ضحية، بينهم 29 ألف قتيل. وأصدرت المحكمة حينها قراراً بغرامات مالية لصالح نيكاراغوا، وهو ما رفضته الولايات المتحدة، التي كان يرأسها رونالد ريغان.

نيكاراغوا ضد السفير الأمريكي غوميز (على اليمين) أمام محكمة العدل الدولية في 26 نوفمبر/تشرين الثاني 1984م

صدر الصورة،GETTY IMAGES

التعليق على الصورة،نيكاراغوا ضد السفير الأمريكي غوميز (على اليمين) أمام محكمة العدل الدولية في 26 نوفمبر/تشرين الثاني 1984م

ضغوط ألمانية داخلية

ويمكن أن تؤدي جلسات الاستماع المتعلقة بالتدابير الطارئة التي تعقدها محكمة العدل الدولية، إلى إصدار أوامر قضائية أولية لضمان عدم تفاقم النزاع أثناء النظر في القضية، التي قد تستغرق سنوات لحين التوصل فيها إلى نتيجة نهائية.

يأتي ذلك بعد ثلاثة أيام من رفع محامين وحقوقيين ألمان، دعوى قضائية عاجلة في محكمة برلين الإدارية، ضد تصدير الأسلحة الألمانية إلى إسرائيل، مطالبين ألمانيا بوقف تسليم أسلحة إلى إسرائيل على الفور. وأكدت المحكمة استلام الطلب.

وقال محامون وحقوقيون الجمعة إنهم رفعوا دعوى قضائية عاجلة في برلين ضد الحكومة الألمانية، لحملها على وقف صادرات الأسلحة إلى إسرائيل، مشيرين إلى أن الأسلحة تُستخدم في غزة بطرق تنتهك القانون الإنساني الدولي.

وقد اندلعت الحرب بعد أن شنت حركة حماس الفلسطينية هجوماً غير مسبوق في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول على إسرائيل، أودى بحياة أكثر من 1000 قتيل إسرائيلي، إلى جانب نحو 250 إسرائيلياً اتخذتهم حماس رهائن، لا يزال نصفهم محتجزين في غزة.

ورداً على ذلك، شنت إسرائيل حرباً على القطاع الفلسطيني، مخلفة أكثر من 100 ألف من الضحايا بين قتيل وجريح، حيث تقول وزارة الصحة في غزة إن الحرب تسببت حتى الآن في مقتل أكثر من 33 ألف فلسطيني، وأكثر من 75 ألف إصابة.

نصف المباني على الأقل “دمرت بالكامل أو تضررت” في غزة

كما خلفت الحرب دماراً هائلاً للبنية التحتية لغزة، حيث أوضحت بي بي سي في فبراير/شباط الماضي، أن أكثر من نصف المباني في غزة قد تضررت أو دُمرت منذ بدء إسرائيل عمليتها رداً على هجمات حماس في السابع من أكتوبر/تشرين الأول.

وتحذر الأمم المتحدة من جوع كارثي في القطاع المنكوب، التي تؤكد هي وبرنامج الغذاء العالمي ومنظمات عالمية أخرى، أن المجاعة وشيكة في قطاع غزة، خاصة في شمالي القطاع، إذ يواجه أكثر من 300 ألف فلسطيني مستويات مخيفة من انعدام الأمن الغذائي التي تهدد حياتهم.

alarabicpost.com

موقع إخباري عربي دولي.. يتناول آخر الأخبار السياسية والاقتصادية والثقافية والرياضية، إضافة إلى التحقيقات وقضايا الرأي. ويتابع التطورات على مدار 24

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى