
كتب / د. حربي الخولي
في سورة مريم عندما جاءت لقومها تحمل طفلها عيسى، فعلى الفور اتهمها قومها بالزنا لأنه لم يعلم لها زوج، وهنا أشارت إلى الرضيع ” فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ ” ؛ أي تكلم، فتعجبوا من أن يتكلم الرضيع ” كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا “، فهل كانت تعلم السيدة مريم أن الرضيع سيتكلم بالفعل ؟.
الحقيقة أنها عندما أشارت كانت على يقين أنه سوف يتحدث لهم؛ لأنه سبق وأن تحدث لها، وذلك يظهر من خلال قوله تعالى ( فناداها من تحتها ألا تحزني قد جعل ربك تحتك سريا ” قرأ أبو جعفر ونافع وحمزة والكسائي وحفص : ( من تحتها ) بكسر الميم والتاء ، وقالوا يعني جبريل عليه السلام ، وقرأ الآخرون بفتح الميم والتاء ، وأراد جبريل عليه السلام أيضا . وقيل أن الذي ناداها هو عيسى عليه السلام، وأرى أن ذلك القول أولى من القول بأنه جبريل عليه السلام ؛ لأن الضمير في ناداها أولى أن يعود على أقرب مذكور وهو عيسى عليه السلام، حيث قبل هذه الآية نجد قوله تعالى ( فحملته فانتبذت به مكانا قصيا ) يعني به أي بعيسى . وأيضا لأن قوله ( فأشارت إليه ) وهي لم تشر إليه إن شاء الله إلا وقد علمت أنه ناطق في حاله تلك وإلا وضعت نفسها في مأزق وهي لا تعلم هل سيتكلم أو لا ، وسبب ثقتها وإشارتها إليه أنه خاطبها بقوله لها ( ألا تحزني قد جعل ربك تحتك سريا )، وقد أوحى الله لها بأن تشير – عندما تصل إلى قومها – إليه وهو الذي سيبرئها من خلال حديثه وإلا لرجموها على شريعتهم . والله أعلى وأعلم