وزارة السياحة والآثار الفلسطينية: جيش الاحتلال دمر قصر الباشا التاريخي متعمدا


أتهمت وزارة السياحة والآثار الفلسطينية قوات الجيش الإسرائيلي أنها تعمدت تدمير موقع “قصر الباشا” في حي الدرج بالمركز التاريخي لمدينة غزة.
وقالت الوزارة، في بيان لها، أن “هذه الجريمة تضاف إلى جرائم أخرى ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي في عدوانه على الشعب الفلسطيني، حيث دمّر قبل ذلك مجموعة من المواقع والمعالم الأثرية مثل ميناء غزة القديم، وكنيسة برفيريوس، ومسجد جباليا، ومجموعة كثيرة من المباني التاريخية والمتاحف وغيرها”.
وأكدت وزارة السياحة والآثار الفلسطينية، أن هذا التدمير “جزء من مخطط الاحتلال لطمس وتدمير التراث الوطني الفلسطيني الذي يدل على ارتباط الإنسان بأرضه ويعزز بقاءه، وهو مخالف لكل المعاهدات والاتفاقيات الدولية بما فيها اتفاقية لاهاي لعام 1907، وجنيف الرابعة لعام 1949، واتفاقيات اليونسكو بشأن حماية الممتلكات الثقافية”.

وطالبت الوزارة المجتمع الدولي ومنظمة اليونسكو بإلزام الاحتلال بوقف عدوانه على الشعب الفلسطيني وتراثه.
وكان يعتبر “قصر الباشا”، النموذج الوحيد المتبقّي للقصور الأثرية في قطاع غزة، وهو يقع في حيّ الدرج من الجهة الشرقية لمدينة غزّة القديمة، الغنيّة بالمباني التاريخية، والتي توضح أصالة المدينة وقدمها وعراقتها.
وقد وُضع على مدخل القصر الرئيس شعار أسدين متقابلين، قيل إنّهما رمز لانتصار المسلمين على المغول والصليبيين.
ويقول الخبراء أن تاريخ القصر يعود إلى العصر المملوكي، وتجمع بعض الروايات التاريخية على أنّ بانيه هو الظاهر بيبرس (المولود عام 620 هـ/ 1221م، والمتوفى عام 676 هـ/ 1277 م)، والذي حقّق إنجازات تاريخية كبيرة، ولقّب بركن الدين وأبي الفتوح، و”سلطان مصر والشام” و”رابع سلاطين الدولة المملوكية”، كما اعتبره المؤرخون مؤسّسها الحقيقي.
وفي خلال انتصاراته العسكرية، قام الظاهر بيبرس ببناء عدداً من المباني الهامّة، عسكرياً ومعمارياً، بينها القصور والقلاع، وقد ارتبطت بالانتصارات التي حقّقها ضدّ الصليبيين وخانات المغول، ابتداءً من معركة المنصورة سنة 1250، مروراً بمعركة عين جالوت، انتهاءً بمعركة الأبلستين ضدّ المغول سنة 1277.
وأكد الأثريون أن الظاهر بيبرس أمر الوالي “جمال الدين أقوش” ببناء القصر، واستمرّ مقرّاً للحكم وإدارة غزّة حتى مجيء الدولة العثمانية بعد معركتي “مرج دابق” و”الريدانية” بين الدولتين المملوكية والعثمانية، وانتصر خلالهما المماليك، وبعد انتهاء الحكم المملوكي حكم غزّة العثمانيون من المكان نفسه الذي بقي مقرّاً للحكم حتى الانتداب البريطاني، وتحول القصر إلى مقرّ للشرطة والتوقيف.
وسُمّي “قصر الباشا” بعدد من التسميات، في مختلف المراحل التاريخية التي مرّت بمدينة غزة، وعُرف في العصر المملوكي عام 1260-1517 بلقب “مقرّ نيابة غزّة”، وفي العصر العثماني عام 1517-1923م، أطلقت عليه عدّة أسماء، منها “قصر الباشا”، “دار السعادة”، “قصر آل رضوان”، نسبة إلى عائلة رضوان التي حكمت المدينة خلال العصر العثماني.
ويقول الأثريون إنّ الانتداب البريطاني سَلّم فلسطين للاحتلال الإسرائيلي الذي لم يغيّر شيئاً في القصر حتى تسليم قطاع غزّة إلى الإدارة المصرية عام 1956، وفي عهد الملك فاروق تمّ تحويل القصر إلى مدرسة سمّيت مدرسة الأميرة فريال، على اسم زوجته، وبقي كذلك حتى مجيء الرئيس جمال عبد الناصر الذي حَوّل اسم المدرسة إلى “فاطمة الزهراء” ابنة الرسول.
وقد استمر المكان على ما هو عليه حتى مجيء السلطة الوطنية الفلسطينية التي قرّرت عام 1998 فصل المدرسة عن القصر حفاظاً على الآثار الموجودة فيه، وفي عام 2005 تمّ ترميم القصر الذي تمّ اعتباره عام 2010 متحفاً رسمياً فتح أمام الزوّار”.
وكان يشاع بشكل خاطئ عند العامّة انه “قلعة نابليون”، ظنّاً منهم أنّه استقرّ فيه لحقبة زمنية، لكنّ خبراء التاريخ أكّدوا عدم صحّة سيطرة نابليون على القصر، سوى لبضع أيّام، أثناء اندحار جيشه مهزوماً على أسوار عكا عام 1799، واستمرّ القصر بتأدية وظيفته مقرّاً خاصّاً لوالي غزّة.
وكان يتميز القصر بمتانة واجهته وجمالها، إذ زينت بعناصر زخرفية كالاشكال المقرصنة التي زينت أعلى النوافذ بالإضافة إلى الرنك، شعار الظاهر بيبرس، وهو عبارة عن نقش لأسدين متقابلين، وزخارف هندسية عبارة عن أطباق نجمية كاملة تتكون من الترس – اللوزة – الكندة، وزخرفت هذه الأطباق بزخارف نباتية على شكل وردات، بالإضافة إلى عناصر معمارية فريدة مثل القباب، وهي عبارة عن فتحات ضيقة من الخارج تتسع من الداخل لتسهيل حركة المدافعين، وكانت تستخدم لرمي السهام.