كارني..جولي.. لوبلان وفريلاند أبرز المرشحين لخلافة ترودو في معركة انتخابات كندا

كتب شريف حمادة:
يدخل الحزب الليبرالي الحاكم في كندا اختبارا صعبا في الفترة المقبلة لاختيار قائد جديد لخلافة جاستن ترودو، رئيس الحكومة المستقيل وانقاذ الحزب من خسارة شبه مؤكدة في الانتخابات العامة المقبلة، طبقا لتوقعات المحللون.
وكان ترودو قد أعلن أمس الاثنين استقالته بعدما واجه في الأسابيع الأخيرة ضغوطا كثيرة، مع اعتباره مسؤولا عن ارتفاع معدلات التضخم في البلاد بالإضافة إلى أزمة الإسكان والخدمات العامة.المقرر أن يقوم ترودو بتسيير الأعمال لحين اختيار رئيس جديد للحزب، بينما تتجه الأنظار إلى من سيخلفه بينما بدأ العديد من الشخصيات التحرك خلف الكواليس لتولي قيادة الحزب والحكومة إلى غاية موعد الانتخابات، ومن أبرزهم وفق المحللون:
مارك كارني (59 عاما):
الحاكم السابق لبنك كندا، ويشغل منصب مستشار اقتصادي للحزب منذ الصيف الماضي، وكثّف تحركاته في الأيام الأخيرة لتقييم مستوى الدعم الذي يحظى به داخل الحزب.
وقد تولى كارني قيادة بنك إنجلترا، واشتهر بخطاباته التي تناولت قضايا مثل المخاطر المالية لتغير المناخ، وفي كتابه الأخير “القيم” قدم نقدا لاذعا للرأسمالية قائلا إن الأسواق ينبغي أن تخدم المواطنين.
كريستيا فريلاند (56 عاما):
نائبة رئيس الوزراء ووزيرة المالية السابقة، أثارت استقالتها الشهر الماضي تكهنات واسعة بأنها ستبدأ حملتها الخاصة لقيادة الحزب.
وقد حظيت بمسيرة مهنية ناجحة في عالم الصحافة، وانضمت إلى فريق ترودو عام 2013، ولعبت أدوارا مهمة في حل العديد من القضايا لا سيما في التفاوض على اتفاقية التجارة الحرة لشمال أميركا خلال الإدارة الأولى لترامب.
دومينيك ليبلانك (57 عاما):
تولى وزارة المالية عقب استقالة فريلاند، وهو صديق قديم لترودو، وكان ضمن الوفد الكندي الذي طار إلى فلوريدا للقاء الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب في فلوريدا، بعد أن هدد بفرض تعريفة بنسبة 25% على المنتجات الكندية ردا على قضايا أمن الحدود.
ميلاني جولي (45 عاما):
تتولى قيادة وزارة الخارجية منذ عام 2021، وقادت إستراتيجية كندا لمنطقة المحيطين الهندي والهادي، وقد اعتمدت نهجها الخاص عبر “الدبلوماسية البراغماتية” معززة أهمية عمل كندا مع القادة الذين لديهم وجهات نظر متعارضة حول السياسة الخارجية، وقالت لصحيفة تايمز في وقت سابق: “أعتقد أن القوة تكمن في القدرة على إجراء المحادثات الصعبة”.
ويشير الخبراء إلى إنّ هناك تحدّيات كثيرة تنتظر خليفة ترودو، متوقّعين فوز المحافظين في الانتخابات المقبلة.
من جانبه، قال أستاذ العلوم السياسية في جامعة كيبيك في مونتريال أندريه لامورو “إنّها قضية خاسرة”، مضيفا أنّ “لا أحد في الحزب الليبرالي اليوم في وضع يسمح له بإعادة الحماسة وحشد الدعم”.
أسباب إستقالة ترودو
وجاء قرار جاستن ترودو بالاستقالة وذلك استجابة لضغوط شديدة. ففي ديسمبر/كانون الأول الماضي، تفاقمت الأزمة السياسية التي يمر بها ترودو، مع مطالبة أحزاب كندية معارضة رئيس الوزراء بالتنحي عن السلطة وإجراء انتخابات مبكرة، وسحب أكثر من 50 من أصل 75 نائبا ليبراليا دعمهم له، فضلا عن استقالة نائبته كريستيا فريلاند احتجاجا على سياساته.
والأزمة السياسية التي واجهها ترودو ليست مفاجئة، بل تراكمت على مدار السنوات الماضية، وأشعلها فوز الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب بالانتخابات، الذي يعتبر ترودو “حاكم الولاية الأميركية الـ51”.
وقد أظهرت استطلاعات الرأي الكندية الأسابيع الماضية تراجعا كبيرا في دعم الحزب الليبرالي بقيادة ترودو -الذي يتولى السلطة منذ 9 سنوات- مع تقدم حزب المحافظين بقيادة بيير بويليفر؛ ومع تراجع شعبية الحزب، انخفضت شعبية ترودو.
ولفت الخبراء إلى أن فضيحة “وي تشاريتي” عام 2020 ، قد ساهمت بإثارة الجدل حول شفافيته ونزاهته، إذ منح عقدا حكوميا للمؤسسة التي ترتبط بعلاقة مع عائلته.
كما فقد كثير من الكنديين ثقتهم بترودو مع تزايد الوعود الانتخابية غير المحققة، حيث وعد رئيس الوزراء في بداية ولايته عام 2019 بتحسين الرعاية الصحية والتعليم، لكن ذلك لم يتحقق بالشكل المتوقع.
كما تعرضت حكومته لانتقادات متزايدة بشأن زيادة الإنفاق العام، مما أدى إلى تفاقم الديون، فضلا عن عدم توفير حلول لأزمتي الإسكان وارتفاع تكاليف المعيشة.
جائحة كورونا
أما جائحة كورونا قد أدت السنوات الماضية إلى تفاقم الأزمة الاقتصادية في كندا، التي وعد ترودو بتحسينها، ولم يشعر الكنديون بأن برامج الدعم التي أطلقتها الحكومة كافية لمعالجة الضرر الاقتصادي.
واتهم الكنديون حكومة ترودو بسوء إدارة أزمة الجائحة. وعام 2022، انطلقت احتجاجات سائقي الشاحنات الذين تأثر عملهم بشدة بالقيود التي فرضتها الحكومة للحد من انتشار الفيروس، ورد مجلس العموم الكندي بإقرار قانون الطوارئ.
كما أثار تفعيل قانون الطوارئ انقسام الكنديين، فبعضهم رأى ترودو بصورة “المستبد”، لا سيما أن القانون لم يفعل من قبل بحالة السلم سوى مرة واحدة عام 1970.
واتهم بعض الكنديين رئيس الوزراء المستقيل بـ”الأنانية وتغليب مصلحته الشخصية على مصلحة الوطن”، في أعقاب الانتخابات المبكرة عام 2021 التي دعا إليها لتعزيز الأغلبية البرلمانية وإضعاف المعارضة، وهو ما لم يتكلل بالنجاح المأمول، إذ حصل على حكومة أقلية برلمانية.
تصريحات ترامب القنبلة
ورغم أن كندا صاحبة استقلال في قرارها السياسي والاقتصادي إلا أن السياسات الاقتصادية للولايات المتحدة الأمريكية تترك ظلالها على أوتاوا، لا سيما مع ارتباط البلدين باتفاقيات التجارة.
ومع عودة ترامب إلى الرئاسة الأمريكية، اتُهم ترودو بتبنّي “حيل سياسية مكلفة”، بدلا من مواجهة الرئيس الأميركي مباشرة، الذي يعتزم رفع الرسوم الجمركية على الواردات الكندية إلى 25%.
كما أشعل تصريح ترامب بأن كندا الولاية الأمريكية ال51 غضب المعارضة وحتى الموالين لترودو في الحزب الليبرالي.