انهاء سيطرة حماس على الأرض .. الضغط على العشائر ووقف العمل بمنفذ رفح مع مصر نهائيا..الأهداف الخفية لانشاء الميناء البحري بقطاع غزة!
مع بدء العمل في إنشاء الميناء البحري بقطاع غزة وظهور العديد من الخرائط حول التصور الأمريكي له، بدأت الكثير من المخاوف والشكوك من توجه الإدارة الأمريكية إلى إنشاء الممر البحري من أن يكون خلف هذا الإجراء أهداف أخرى “خبيثة”، فكيف لإدارة تتورط في قتل الفلسطينيين في غزة من خلال إمدادات السلاح اللامحدودة لـ”إسرائيل”، أن يصحو ضميرها فجأة، لتقرر فتح ممر بحري للمساعدات.
وإذا كانت الإدارة الأمريكية تسعى لنجدة أهل غزة، فيمكن أن تمارس ضغوطها لتسريع دخول المساعدات برا إلى قطاع غزة، عبر معبري رفح وكرم أبو سالم، دون الحاجة إلى إنشاء ميناء بحري مؤقت يستغرق وقتا طويلا لتدشينه، فيما يقتل الجوع الفلسطينيين في غزة.
في المقابل أقول لنفسي بعد أن أبعد فكرة المؤامرة التي تسيطر على عقلي أن الخطة الأمريكية، محاولة للتخفيف من تبعات وحالة الرفض للدعم الأمريكي المفتوح الإسرائيلي، وتوفير الغطاء للإبادة الجماعية في غزة، بما فيها استخدام الجوع كسلاح ضد المدنيين العزل.
فعندما أعلن بايدن في خطاب حالة الاتحاد بالكونجرس، أنه سيوجه الجيش لقيادة مهمة “طارئة” لإنشاء رصيف بحري مؤقت في البحر المتوسط على ساحل غزة، لإيصال مزيد من المساعدات الإنسانية إلى القطاع المحاصر، مشيرا إلى أنه “لن تكون هناك قوات أمريكية على الأرض”.
وبالتالي فالظاهر لما أعلنه الرئيس الأمريكي من وراء ذلك المخطط، هو إيصال المساعدات الإغاثية لقطاع غزة وإنشاء مستشفيات عائمة لعلاج جرحى الحرب، لكن الكثير من المراقبين لهم رأي آخر، ويرون أن أسبابا أخرى تقف خلف هذه الخطوة.
“ظاهره مساعدات وباطنه هجرة”
ولأنني مقتنع بالمثل المصري ” إللي اتلسع من الشربه ينفخ في الزبادي” ، أعتقد أن “الرصيف العائم على شواطئ غزة، ظاهره مساعدات وباطنه هجرة طوعية إلى أوروبا”.
فقد لقي هذا الميناء التكتيكي العسكري مباركة إسرائيلية؛ لأن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يتطلع إلى فكرة طرحه منذ بداية الحرب، بهدف التهجير الطوعي للغزيين، والهروب إلى أوروبا”، مشددا على أن “إسرائيل ستوافق على الميناء لسببين، وهما تمرير صفقة تبادل الأسرى، والهجوم البري على رفح بدون إغضاب واشنطن”.
كما أن من شأن هذه الخطوة أن يخرج معبر رفح عن الخدمة بالتأكيد؛ “لأن إسرائيل لا تثق به، وتعتبره المدخل الرئيسي لأسلحة حركة حماس”.
كما أن هذه الخطة تزيد من سيطرة جيش الاحتلال على حصار القطاع حيث أن جميع السفن التي ترسل المساعدات الإنسانية لا تذهب إلى الميناء الأمريكي بغزة مباشرة، بل ستذهب إلى ميناء أسدود ليتم تدقيقها وفحصها ثم ترسل تحت سيطرة البحرية الإسرائيلية والمسيرات إلى القطاع الفلسطيني، وبالتالي لا جديدفي الموقف الحالي ، فما زال مفتاح القطاع في حكومة تل أبيب.
أميركا تنوي بناء ميناء مؤقت على ساحل #غزة، لا لنقل المساعدات إلى أهل غزة من قبرص، بل لنقل أهل غزة من غزة إلى قبرص، وتشتيتهم في أرجاء العالم، وتمليك غزة وحقول غازها للدولة اليهودية. ولو كانت تريد مساعدات لغزة لكفاها أن تأمر #السيسي بإدخال المساعدات التي تعفنت في الشاحنات في #رفح pic.twitter.com/T1QcRKB0Uv
— محمد المختار الشنقيطي (@mshinqiti) March 8, 2024
نقل أهل غزة لقبرص
وفكرة التهجير قد طرحها الكثير من الخبراء مثل الكاتب السياسي، محمد المختار الشنقيطي الذي قال، إن بناء أمريكا للميناء، ليس لنقل المساعدات، بل لنقل أهل غزة إلى قبرص، وتشتيتهم في أرجاء العالم، وتمليك غزة وحقول غازها للدولة اليهودية.
ورأى مختار الشنقيطي أن أمريكا لو كانت تريد مساعدات لغزة لكفاها أن تأمر السيسي بإدخال المساعدات التي تعفنت في الشاحنات في رفح.
وقد أظهرت الصور الميدانية الحديثة في قطاع غزة، وأخرى عبر الأقمار الصناعية، أعمال بناء وحفر في منطقتين مختلفتين على شاطئ غزة، وقد كشفت مصادر خاصة لـ”عربي بوست”، أن الأولى يتم فيها إنشاء لسان بحري فيها شمال غزة بمنطقة البيدر، فيما الثانية عبارة عن رصيف مؤقت لاستقبال السفن الكبيرة في خان يونس (جنوباً).
وتؤكد المصادر أن كلا المشروعين المتعلقين بالمساعدات إلى غزة بحراً تقوم عليه الشركة الأمريكية الخيرية “وورلد سنترال كيتشن” World Central Kitchen، أو المطبخ المركزي العالمي، بتمويل أمريكي-إماراتي.
لسان بحري عائم شمال غزة
وأكدت مصادر من حكومة رام الله، أن الشركة المعروفة اختصاراً “WCK” المختصة بتوفير الطعام للسكان الذين يعانون من الأزمات، حصلت على ترخيص بالفعل لإنشاء لسان بحري من وزارة النقل، من أجل إنزال المساعدات البحرية القادمة من قبرص عبر سفينة Open Arms، بمنطقة البيدر شمال غزة.
تواصل “عربي بوست” مع وزارة النقل الفلسطينية، التي رفضت من جانبها التعليق على هذا الأمر.
وقد أعلنت المؤسسة World Central Kitchen في بيان، بأنها “تعمل بشكل وثيق مع دولة الإمارات لجعل الخيار البحري ممكناً، من خلال إنشاء لسان بحري، وهو أمر بالغ الأهمية لدرء كارثة الجوع التي تتكشف في غزة، وفق قولها.
وقالت المؤسسة، إن الطواقم التابعة لها تعمل على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع منذ 6 مارس/آذار 2024، في هذا المشروع على شاطئ غزة.
وقد أظهرت صور الأقمار الصناعية التي نشرتها شركة “ماكسار” للتكنولوجيا الخميس 14 مارس/آذار 2024 صوراً التقطت عبر الأقمار الصناعية قالت إنها تعود إلى 11 و12 و13 مارس/آذار الحالي، تبين أعمال حفر وإنشاءات على الرمال لإنشاء رصيف على شواطئ الساحل الجنوبي لمدينة غزة.
وبحسب بيان المطبخ المركزي العالمي لـ”عربي بوست”، فإنها أطلقت على الجهد البحري على شاطئ غزة اسم “Operation Safeena”، وتعني السفينة باللغة العربية.
أما عن طول اللسان البحري العائم، فإنه وفقاً لـ”القناة 12” العبرية، من المتوقع أن يبلغ حوالي 550 متراً، متصلاً بالشاطئ.
Satellite imagery from @Maxar shows a jetty/pier is under construction on the Gaza coastline, just south of Gaza City: 31.497, 34.408. Construction crews can be seen operating in the area. Images are from March 11, March 12, and March 13. pic.twitter.com/xZPMR7DhWn
— Christiaan Triebert (@trbrtc) March 14, 2024
رصيف بحري مؤقت بخان يونس
وفي خان يونس جنوب غزة، فإنه يتم العمل على إنشاء رصيف بحري من الخرسانة، يكون مؤقتاً، وذلك لاستقبال السفن الكبيرة.
بدأ العمل فيه منذ 10 مارس/آذار 2024، بالمعدات والطاقم في الموقع، بحسب WCK، وستكون مساحته ممتدة على طول 60 متراً من شاطئ خان يونس.
في حين أعلن متحدث وزارة الدفاع الأمريكية باتريك رايدر، أن بناء الميناء المؤقت الذي تخطط الولايات المتحدة لإنشائه قد يستغرق 60 يوماً.
ما الغرض منهما؟
وأكد مصدر مسئول في بلدية غزة، أن آلية توزيع المساعدات القادمة من البحر، ستكون من خلال مراكز المؤسسة الأمريكية “المطبخ المركزي العالمي” (WCK)، بعيداً عن إدارة القطاع الحالية المتمثلة بحكومة حماس، التي يتم محاولة تدمير كل أشكل إعادة الحياة لها ، وهذا معلن حاليا حيث تسعى حكومة تل أبيب القضاء على أي بيئة حاضنة لأي مقاومة في المستقبل!.
فالواقع على الأرض يكشف أن هناك نحو 65 مركزاً تابعاً لهذه المؤسسة منتشرة في قطاع غزة منذ بداية الحرب 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، التي ستقوم كوادرها بإنزال وتحميل وتوزيع المساعدات عبر مراكزها في شمال غزة، حيث سيطرة الحكومة المحلية التي مازالت موجودة ، وتقوم مؤسسة “WCK” تقوم حالياً بفتح مزيد من المراكز يبلغ عددها 35 مركزاً جديداً استعداداً لاستقبال المساعدات القادمة بحراً مستقبلاً بعد افتتاح الممر البحري من قبرص إلى غزة.
ولن يختلف الحال في خان يونس، حيث أكدت مصادر أن عملية توزيع المساعدات ستتم أيضاً من خلال كوادر المؤسسة الأمريكية “WCK” بتأمين ومساعدة من المحسوبين على القيادي الفلسطيني المفصول من حركة فتح محمد دحلان، المقيم في الإمارات، فخان يونس، هي مسقط رأس دحلان، ويحظى فيها بظهير موال له هناك.
ولو افترضنا عدم وجود شكوك فإن الغرض الأمريكي كما يحاول أن يبرر أصحاب النية الصالحة من إيصال المساعدات بحراً إلى غزة، “التحكم بمن يملك المساعدات ومن يقوم بتوزيعها إلى الناس، لا سيما أن المساعدات إلى غزة التي تدخل من خلال معبر رفح البري، تكون بالتنسيق مع حكومة غزة، وهذا ما لا يريده الاحتلال”.
وبالتالي يكون الهدف الواضح من وراء السماح بدخول المساعدات إلى غزة بحراً “لاستبعاد أي إمكانية لعودة سيطرة حماس على القطاع، والضغط على مصر التي ترفض حتى الآن المشروع الأمريكي الإسرائيلي في إعادة توطين الفلسطينيين في منطقة سيناء”.
إلا إن هناك هدفاً آخر، متعلّقاً بمرحلة ما بعد الحرب، وهو الضغط على العائلات والعشائر الفلسطينية في غزة، بما يتعلق بإدارة القطاع بعيداً عن حماس، وأيضا قتل المنفذ المباشر مع مصر، وبالتالي منع التواصل المباشر بين سكان مع أي طرف عربي.
وتشير الشكوك أيضا إلى أن وصول المساعدات إلى غزة بحراً يتطلب تنسيقاً لعمليات توزيعها، ما يفتح المجال أمام المنظمات الأممية والأمريكية للتواصل مع السكان مباشرة نيابة عن واشنطن وتل أبيب، لتنسيق دخولها وتوزيعها بين الناس، مستغلة حالة عدم الرفض لدخول المساعدات بحراً من قبل حماس، التي ترى الحاجة الملحة لحصول السكان على الإغاثة الإنسانية العاجلة، و اللجوء إلى هذه الطريقة قد يكون عملية بحث عن نصر إسرائيلي لحظي آني، لأن دخول المساعدات إلى غزة هو حدث آني، وتوزيعها يحتاج إلى جهة ذات موثوقية لدى الناس.
أما الغريب فهو موقف السلطة الفلسطينية من إدخال المساعدات إلى غزة بحراً، حيث رحبت به، وطبعا شددت على “ضرورة التنسيق معها بشأن إدخال وتوزيع المساعدات الإنسانية في قطاع غزة”.
وقالت الخارجية الفلسطينية، 13 مارس/آذار 2024، إن “آلية إدخال المساعدات إلى غزة وتوزيعها يجب أن تتم بالتنسيق الكامل مع القيادة الشرعية للشعب الفلسطيني (تقصد السلطة الفلسطينية)، ومن خلال الآليات الدولية المعتمدة وغير القابلة للاستبدال كالأونروا والهلال الأحمر الفلسطيني والمؤسسات الدولية ذات الصلة”.
يذكر أن معظم ساحل غزة شواطئ رملية، لا تستطيع السفن الكبيرة الاقتراب منها دون تجريفها.
وللتغلب على هذا الأمر، عرضت بريطانيا، سفناً برمائية قادرة على الوصول إلى ساحل القطاع دون الحاجة إلى بنية تحتية خاصة، بحسب ما أكدته هيئة الإذاعة والتلفزيون البريطانية “بي بي سي”، وبالتالي لو كان الغرض الحقيقي هو إدخال المساعدات الإنسانية فهناك بدائل سريعة يمكن الاعتماد عليها، لكن الإدارة الأمريكية مصرة على تنفيذ المشروع وتمويله مع دولة الإمارات دون أسباب منطقية، خاصة أن الوقت ليس في صالح الملايين من الجوعى في القطاع ، والأولى أن تسعى هذه الدول لوقف العدوان وفتح المعابر البرية لادخال المساعدات، إذا كان الهدف إنساني؟!.
شريف حمادة
كاتب وصحفي مصري