إثيوبيا تحتفي بـ”الاتفاق الإطاري” لمياه النيل.. ومصر والسودان يرفضان: لا يلزمنا ويخالف القانون الدولي
كتب شريف حمادة:
أكد رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، اليوم الأحد، أن دخول الاتفاق الإطاري لدول حوض النيل، المعروف باتفاقية عنتيبي، حيّز التنفيذ “يمثل تتويجاً لرحلة طويلة نحو الاستخدام العادل والمعقول لمياه النيل”، فيما رفضت مصر والسودان، الاتفاق الإطاري قائلة: “لا يلزم أي منهما لمخالفته مبادئ القانون الدولي العرفي والتعاقدي”.
وقال آبي أحمد عبر منصة “إكس”: “سيُذكر هذا اليوم باعتباره معلماً تاريخياً في جهودنا الجماعية لتعزيز التعاون الحقيقي في حوض النيل”، مشيراً إلى أن دخول الاتفاق حيز التنفيذ “يعزز روابطنا كعائلة نيلية، ويضمن أن إدارة واستغلال مواردنا المائية المشتركة تعود بالنفع على الجميع، لصالح الجميع”.
ودعا رئيس الوزراء الإثيوبي الدول غير الموقعة إلى الانضمام إلى “عائلة النيل” حتى ” نتمكن معاً من تحقيق أهدافنا المشتركة في التنمية والتكامل الإقليمي”.
وقد دخل الاتفاق الذي بدأ التوقيع عليه في عام 2010، دخل حيز التنفيذ، اليوم الأحد، بعد تصديق 6 دول متشاطئة على نهر النيل على الاتفاق، هي إثيوبيا وأوغندا وتنزانيا ورواندا وبوروندي وجنوب السودان، ما يمثل ثلثي دول حوض النيل، وتتمسك مصر والسودان برفض التوقيع على الاتفاق منذ ذلك الحين.
القاهرة والخرطوم: يخالف القانون الدولي
وقد أعلنت مصر والسودان، أمس السبت، رفض الاتفاق الإطاري للتعاون في حوض النيل قائلة :”لا يلزم أي منهما، ليس فقط لعدم انضمامهما إليه، وإنما أيضاً لمخالفته لمبادئ القانون الدولي العرفي والتعاقدي”.
وقد شددت القاهرة والخرطوم على أن مفوضية الست دول الناشئة عن الاتفاق الإطاري غير المكتمل لا تمثل حوض النيل في أي حال من الأحوال”، وفقاً لبيان مشترك في ختام اجتماع الهيئة الفنية الدائمة المشتركة لمياه النيل بين مصر والسودان.
وذكر البيان الصادر عن القاهرة والخرطوم أن البلدين “بذلا جهوداً مكثفة ومستمرة على مدار الأعوام السابقة لاستعادة اللُحمة ورأب الصدع الذي تسبب فيه تبني بعض دول الحوض لمسودة غير مستوفية للتوافق لوثيقة ما يسمى بالاتفاق الإطاري، ولا تتسق مع قواعد القانون الدولي ذات الصلة والممارسات الدولية المثلى”.
وأضاف البيان: “سعت الدولتان إلى أن تكون الآلية التي تجمع دول الحوض آلية توافقية تقوم على الشمولية، وتنتهج في عملها القواعد الراسخة للتعاون المائي العابر للحدود، وفي مقدمتها مبادئ التشاور والإخطار المسبق بشأن المشروعات المستندة إلى دراسات علمية وافية للأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والبيئية للمشروعات التي تنفذ من خلالها، إلّا أن هذه الجهود لم تجد التفاعل الإيجابي اللازم”.
وقد دعت مصر والسودان “دول الحوض إلى إعادة الُلحمة إلى مبادرة حوض النيل وعدم اتخاذ إجراءات أحادية تسهم في الانقسام بين دول المنبع ودول المصب بحوض نهر النيل”.
السيسي: قضية المياه “مسألة وجود”
وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، قد قال خلال افتتاح أسبوع القاهرة للمياه مؤخرا، إن مصر تضع قضية المياه على رأس أولوياتها، حيث يعد نهر النيل قضية ترتبط بحياة الشعب وبقائه، ووصفها بأنها “مسألة وجود”.
وأكد رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، أن “التشغيل الأحادي لسد النهضة قد يؤدي إلى عواقب وخيمة”، كما أكد وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، تمسك مصر بقواعد القانون الدولي الملزمة لإدارة الأنهار الدولية، مشدداً على رفض القاهرة لأي أفعال أحادية مخالفة لقواعد القانون الدولي لإدارة الأنهار الدولية.
وخلال العشرين سنة الماضية زادت الخلافات حول الاتفاق الإطاري، حيث تمسكت مصر والسودان برفض التوقيع، على الاتفاق الإطاري بسبب الخلاف حول عدم الاعتراف بالحصص المائية الحالية. ووفق اتفاقية عام 1959 تحصل مصر على 55.5 مليار متر مكعب سنوياً من مياه النيل، فيما يحصل السودان على 18.5 مليار متر مكعب سنوياً.
ويتواصل منذ نحو 15 عاماً خلاف بين مصر وإثيوبيا، على خلفية تشييد سد النهضة، دون التوصل إلى اتفاق قانوني بشأن ملء وتشغيل السد الإثيوبي.
وتدخل اليوم الموافق 13 أكتوبر 2024 فيه اتفاقية التعاون المائي لدول حوض النيل، أو ما يعرف بـ(اتفاقية عنتيبي)، حيز التنفيذ، وذلك بعد 14 عامًا من توقيع الدول المطلة على نهر النيل على الاتفاقية. وتشمل هذه الدول: أوغندا، إثيوبيا، تنزانيا، كينيا، الكونغو الديمقراطية، رواندا، بوروندي، وجنوب السودان، باستثناء دولتي المصب (السودان ومصر ) اللتين رفضتا التوقيع على الاتفاق الإطاري في العام 2010 بسبب مخاوفهما من تأثير ذلك على حصتيهما من مياه النيل، التي تم تحديدها في الاتفاقيات الموقعة في أعوام (1902، 1929، و1959)، والتي تمنح مصر 55.5 مليار متر مكعب سنويًا من مياه النيل و18.5 مليار متر مكعب سنويًا للسودان. هذه الحصص ترفضها دول المنبع، وخاصة إثيوبيا، التي تعتبرها غير عادلة وقد فرضت بواسطة سلطات استعمارية.
نبذة عن اتفاقية عنتيبي:
قبل ربع قرن (2009)، وبمبادرة ورعاية من الأمم المتحدة والبنك الدولي، تم إطلاق مبادرة تهدف إلى تنظيم التعاون وإدارة الموارد المائية لنهر النيل بين دول المشاطئة. لكن المبادرة لم تنجح بسبب خلاف أثارته مصر حول بنود الاتفاق الإطاري المقترح. اتفقت دول المنبع على إقامة مفوضية جديدة أطلق عليها “مفوضية مياه النيل”، ومهمتها إدارة وتنظيم شؤون مياه النهر بين دوله. كان الخلاف الأكبر حول المادة (14) للاتفاقية الجديدة، والتي نصها: “تتفق دول حوض النيل بروح التعاون على عدم التأثير الكبير في الأمن المائي لأي دولة أخرى في حوض النيل”، بينما طالبت مصر بتعديل النص ليصبح: “عدم التأثير بصورة كبيرة في الأمن المائي (والاستخدامات الحالية) وحقوق أي دولة أخرى في حوض النيل”، في إشارة واضحة إلى مخاوفها من تأثير الاتفاقية على حصتها التي حصلت عليها بموجب الاتفاقيات القديمة.
وبعد حوالي 10 سنوات من الخلاف، اجتمعت دول المنبع (8 دول) في مدينة عنتيبي اليوغندية ووقعت على الاتفاقية، بينما رفضت دولتا المصب (مصر والسودان) التوقيع وجمدتا مشاركتهما في مبادرة حوض النيل برمتها.