لماذا قال ” أَنَا يُوسُفُ ” ولم يقل أنا هو ؟

كتب د/ حربي الخولي
في سورة يوسف قال تعالى :” قَالُوا أَإِنَّكَ لَأَنتَ يُوسُفُ ۖ قَالَ أَنَا يُوسُفُ وَهَٰذَا أَخِي ۖ قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا ۖ إِنَّهُ مَن يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ ” . عندما ذكر يوسف لإخوته بعض الحقائق والدلائل التي لا يعرفها سوى هو وهم، سألوه سؤال الحائر : هل انت يوسف، فقال : نعم أنا يوسف، وهذا شقيقي، قد تفضَّل الله علينا، فجمع بيننا بعد الفرقة، إنه من يتق الله، ويصبر على المحن، فإن الله لا يذهب ثواب إحسانه، وإنما يجزيه أحسن الجزاء. وهنا السؤال عندما سألوه :” أَإِنَّكَ لَأَنتَ يُوسُفُ” لماذا لم يجب بقوله نعم أنا هو، وقال : ” أَنَا يُوسُفُ ” ؟ وعند النظر للبلاغة القرآنية المعجزة نجد سؤالهم “أإنك لأنت يوسف؟”: هذا السؤال بصيغة التأكيد، مع استخدام “إن” واللام المزحلقة، يدل على أنهم كانوا متيقنين من أنه يوسف، لكنهم يحتاجون إلى تأكيد نهائي . ومن المعلوم في قواعد اللغة أن الاسم الظاهر أوكد من الضمير، لأن الضمير يعود على الاسم الظاهر ولا يذكر إلا بعده، لكن الاسم الظاهر مستقل، فعندما سألوه ذاكرين الاسم الظاهر وهو يوسف، أراد أن يؤكد لهم المعلومة باستخدام الاسم نفسه، ولو قال أنا هو لأفاد المعنى لكنه لن يكون في أعلى مرحلة من البلاغة في ذلك الموقف الذي يحتاج فيه التأكيد بالاسم الظاهر ردا على سؤالهم المؤكد بالاسم الظاهر، والبلاغة تعني مُطابَقةُ الكَلامِ لمُقتضَى الحالِ معَ فَصاحتِه وهو ما تم هنا . والله أعلى وأعلم