منوعات

” وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ” لماذا لم يذكر الله العدد كاملًا ؟

في الدلالة

كتب د/ حربي الخولي
يقول تعالى في سورة الصافات عن سيدنا يونس عليه السلام : “وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ” فلم يحدد الله العدد بالضبط وقال :”أَوْ يَزِيدُونَ”، فلماذا لم يحدد العدد تاما كأن يقول مثلا : أرسلناه إلى مائة وثلاثين ألفا، أو مائة وأربعة عشر ألفا الخ، هذا ما شكَّل شبهة عند أعداء القرآن الكريم ، وإشكالا عند البعض، وقد أجاب أكثر المفسرين عن ذلك بقولهم بأن ” أو ” على ثلاثة أقوال أحدها: أنها بمعنى «بل»، قاله ابن عباس والفراء. أي أن الله أرسله لمائة ألف بل يزيدون عن ذلك، والثاني: أنها بمعنى الواو، أي وأرسلناه إلى مائة ألف ويزيدون على المائة ، وقد قرأ أبيّ بن كعب : ” ويزيدون ” من غير ألف. والثالث: أنها على أصلها، والمعنى: أو يزيدون في تقديركم، إذا رآهم الرائي قال: هؤلاء مائة ألف أو يزيدون. وجاء في تفسير القرطبي: قال المبرد: المعنى وأرسلناه إلى جماعة لو رأيتموهم لقلتم هم مائة ألف أو أكثر، وإنما خوطب العباد على ما يعرفون, وقال الأخفش والزجاج: أي: أو يزيدون في تقديركم.
وأرى – والله أعلى وأعلم – أن تفسير المفسرين لم يجب عن الشبهة، فكلهم ذكر أن الله لم يذكر العدد بدقة وأن أو بمعنى بل للإضراب أو بمعنى الواو أو بمعناها بالفعل، وأرى أن الله لم يذكر العدد بدقة وذلك لأن المكلفين عددهم بالفعل مائة ألف رجالا ونساء، ولما كان الرسول رسالته ممتدة لهم ولما في أصلابهم من النطف وما في أرحام الحوامل فكان المقصود بقوله :” أو يزيدون ” بمعنى بل وبمعنى العطف أي ويزيدون بالفعل زيادة لن يستطيع الرأي أن يراها في الوقت الحاضر أو يعلمها، وتتجدد، وهذه الزيادة قصد بها النطف التي في الأصلاب والتي ستخرج على عبادة الله واتباع الرسول المرسل إليهم، وتشمل الزيادة الأجنة في الأرحام، وبالتالي يكون المعنى وأرسلناه إلى مائة ألف وهؤلاء سيزيد عددهم زيادة متجددة في المستقبل بالولادة والأجنة المحسوبة فوق المائة ألف لكنهم مكلفين مثل المائة ألف بعد نضجهم؛ ولذا كان من المستحيل أن يعلم الله المائة ألف بعدد الزيادة؛ لأن ذلك من الغيب ” ويعلم ما في الأرحام ” فعبر عن ذلك بقوله المعجز :” أو يزيدون ” والتي تدل على أن هذه الزيادة ستمتد في الزمان حتى يأتي رسول جديد فيتبعه هؤلاء بأمر الله لهم، إلى أن يأتي الرسول الخاتم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم فتتبعه زيادة المائة ألف؛ لذا قال الله بصيغة المضارع ” يزيدون ” لتدل على التجدد والاستمرار إلى يوم القيامة . والله أعلى وأعلم .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى