تهديد نتنياهو.. بين تهجير الفلسطينيين وصفقة الغاز مع مصر
كيف تحول القاهرة ابتزاز تل ابيب إلى ورقة قوة دولية؟

لن يكون تصريح مكتب بنيامين نتنياهو رئيس وزراء دولة الإحتلال، الأخير حول “حق إسرائيل في فتح معبر رفح من جانبها إذا اقتضت الحاجة” مجرد كلام عابر.. فالتصريح في جوهره إعلان صريح عن مشروع قديم حول دفع الفلسطينيين نحو سيناء وتحويل غزة إلى أرض خالية من البشر.
الأخطر أن هذا التهديد لم يأتِ منفصلًا عن ضغوط موازية في ملف الغاز، حيث يستعمل نتنياهو صفقات الغاز مع القاهرة كورقة ضغط مباشرة: إمّا أن تضمن مصر استمرار تصدير الغاز عبر أراضيها وإسالته، أو تواجه التصعيد في ملف رفح.
الغاز كسلاح سياسي
منذ أن أصبحت مصر المنفذ الوحيد لدولة الإحتلال إلى أوروبا في سوق الغاز، أخذ نتنياهو ينظر إلى هذه الورقة باعتبارها أداة ابتزاز. فهو يريد استمرار العوائد مهما كانت الظروف، حتى لو كانت غزة تحت القصف. وبذلك تحوّل الاتفاق من صفقة اقتصادية إلى قيد سياسي على القاهرة، جعلها تبدو وكأنها رهينة لاحتياجات إسرائيل.
رفح.. اختبار للسيادة المصرية
والمشكلة الكبرى لدي المواطن المصري هي أن التهديد بفتح معبر رفح بشكل أحادي هو تحدٍ مباشر لسيادة مصر.. فالواقع يؤكد ان دولة الاحتلال لا تريد فقط السيطرة على غزة، بل أيضًا جرّ القاهرة إلى معركة معقدة:
فإما أن تقبل مصر بمرور الفلسطينيين نحو سيناء تحت ضغط الأمر الواقع.. أو تُتهم بأنها تغلق المعبر في وجه النازحين، ما يعرضها لحملة إعلامية دولية.
أخطاء التعامل مع الأزمة
على الجانب الآخر تعاملت القاهرة مع هذه الملفات بطريقة مترددة:
1. أمنيًا: ركّزت القاهرة على منع التهجير فقط، لكنها لم تترجم ذلك إلى موقف سياسي صلب يفرض على العالم رفض المخطط الإسرائيلي.
2. سياسيًا: تمسكت القاهرة بدور الوسيط التقليدي، فيما استمرت صفقات الغاز وكأن شيئًا لم يحدث، وهو ما عكس تناقضًا صارخًا بين الواقع الميداني والموقف الرسمي.
3. شعبيًا: لم تشرح للشعب المصري حجم الابتزاز الإسرائيلي، مما خلق فجوة بين وجدان الناس (المتضامن مع غزة) وبين السياسات الرسمية التي تبدو عاجزة أو متواطئة.
كيف يمكن لمصر التعامل مع التهديد الإسرائيلي؟
1. تحويل الملف إلى قوة سياسية: استخدام ملف الغاز كأداة ضغط مع إسرائيل، مع ربط أي استمرار للصفقات بشروط سياسية وضمانات دولية.
2. موقف عربي ودولي موحد: حشد الدعم العربي والدولي لإجبار إسرائيل على وقف أي تهجير، بدلاً من الاكتفاء بدور الوسيط التقليدي.
3. الشفافية مع الشعب: توضيح موقف مصر وإجراءاتها لحماية غزة، لتعزيز الشرعية الداخلية وتقليل فجوة الثقة بين الدولة والشعب.
4. توازن بين الأمن والسيادة: فتح معبر رفح بشكل منظم وبالتنسيق مع الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية، ليصبح الأمر إنسانيًا سياسيًا بدلًا من ابتزاز.
في النهاية يمكن لمصر أن تحول ضغط وابتزاز تل أبيب إلى ورقة قوة إذا اعتمدت استراتيجية واضحة تجمع السياسة، الدبلوماسية، والأمن، فسوف يحافظ على وضعها كطرفٍ مؤثر ، بدلا من وضعها رهينة في لعبة إقليمية تديرها إسرائيل وواشنطن، بينما يظل الشعب الفلسطيني وحده يدفع الثمن.