كتب / د.حربي الخولي
قال تعالى : {وَرَفَعَ أَبَوَيۡهِ عَلَى ٱلۡعَرۡشِ وَخَرُّواْ لَهُۥ سُجَّدٗاۖ وَقَالَ يَـٰٓأَبَتِ هَٰذَا تَأۡوِيلُ رُءۡيَٰيَ مِن قَبۡلُ قَدۡ جَعَلَهَا رَبِّي حَقّٗاۖ وَقَدۡ أَحۡسَنَ بِيٓ إِذۡ أَخۡرَجَنِي مِنَ ٱلسِّجۡنِ وَجَآءَ بِكُم مِّنَ ٱلۡبَدۡوِ مِنۢ بَعۡدِ أَن نَّزَغَ ٱلشَّيۡطَٰنُ بَيۡنِي وَبَيۡنَ إِخۡوَتِيٓۚ إِنَّ رَبِّي لَطِيفٞ لِّمَا يَشَآءُۚ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلۡعَلِيمُ ٱلۡحَكِيمُ} (100) .
الملاحظ أن يوسف عليه السلام ذكر نعمة الله عليه بأن أخرجه من السجن، رغم أن نعمة الإخراج من البئر قد تبدو أقوى، إذ أنه لو لم يخرج من البئر لمات أو أصيب بمرض عضال، كما أنه لا يعلم متى يتم إخراجه وهو طفل في غاية الخوف والرهبة، أما السجن فسيأتي اليوم الذي يفرج عنه فيه، كما أنه لو لم يخرج لعاش حياة السجن مثل السجناء وهو في سن كبيرة تسمح له بالصبر، كما أنه هو الذي قد طلب السجن ليهرب من إغواء النسوة، بينما أُخذ عنوة للبئر وغدر به إخوته، فلماذا إذا قدم نعمة الخروج من السجن على نعمة الإنقاذ من البئر ؟ وبالطبع نجد أن ذلك من شدة أدب يوسف عليه السلام، فقد قال ذلك القول وامتن بتلك النعمة في محضر من إخوته ووالديه، ولو ذكر حادثة البئر لكان في ذلك توبيخ غير مباشر لهم وتذكيرهم بما اقترفت أيديهم وهو قال لهم سابقا :” لا تثريب عليكم اليوم “؛ أي لا تعيير ولا توبيخ ولا لوم عليكم اليوم . كما أن إخراجه من السجن أعقبة نعمة عظيمة، فقد صار وزيرا كبيرا بمثابة الملك في مصر، بينما الإخراج من البئر أعقبه أن صار عبدا يباع ويشترى، فكان الإخراج من السجن أقرب من أن يكون إنعاما كاملا . والله أعلى وأعلم .