مقالات

كيانات مشبوهة تهدد المواطنين بالحبس

لاحظت خلال الآونة الأخيرة يتوافد عدد كبير من أرباب الأسر وبخاصة السيدات الأرامل والمطلقات إلى مقر جمعية أحباء الزاوية الحمراء التى أشرف برئاستها طالبين المساعدة فى الخروج من المأزق الخطير الذى وضعوا أنفسهم فيه والذى يتعلق بحصولهم على قروض بمبالغ ضخمة وتعثروا عن سدادها وأصبحوا مهددون بالحبس.
والعجيب أن معظم هذه الأسر لم تكن لديهم أى دراية بالعمل المصرفى وكانوا قبل أن يطرقوا باب الحصول على القروض حين ترغب أسرة زواج الإبنة أو الإبن يدخلون ما يسمى ” جمعيات ” يشترون من خلالها مستلزمات الزواج دون أن تضاف على عاتقهم أى أعباء ترهقهم وبلا فوائد مبالغ فيها ، ولكن أكثر من ٩٠ % من هؤلاء الضحايا وقعوا فريسة سهلة فى أيدى عدد من الكيانات المجهولة التى تطلق على نفسها لقب جمعية أو شركة تمنح القروض لكل من يرغب بشرط أن يكون هناك ضامن مع تسهيلات يسيل لها لعاب المواطنين خاصة فى ظل تلك الأزمات الطاحنة التى تسيطر على الأوضاع المعيشية ، ونجحت هذه الكيانات المشبوهة فى اللعب على وتر الحاجة والفقر والعوز واستغلوا الظروف المعيشية الصعبة بالاضافة الى جهلهم بالتعامل المصرفى وأيضا الطمع لدى البعض فى إقناعهم بالحصول على هذه القروض التى تؤدى فى النهاية إلى سدادها بسعر فائدة مرتفع للغاية يصل فى كثير من الأحيان إلى نحو ٥٠ % ، وبالتالى تمكنت تلك الكيانات من إستمالة الكثير من المواطنين الذين وقعوا فى براثنها وأقنعوهم بتكوين ما يسمى مجموعات وإذا عجز عضو عن سداد قسط الدين الشهرى فإن المجموعة كلها مطالبة بسداد هذه الأقساط المتأخرة وإلا يتم رفع الدعاوى القضائية ضد جميع أعضاء المجموعة بموجب إيصالات الأمانة التى حصلوا عليها من الضحايا وضامنيهم على بياض.
الأهالى وبخاصة ضعاف العقول وجدوها فرصة لتحقيق أحلامهم وهم غافلون عن المصير المؤلم الذى ينتظرهم وغير مكترثين بالفؤائد المبالغ فيها التى تضاف على أصل الدين وأصبح كل همهم الحصول على هذه القروض الإستهلاكية.
هذه الكيانات المشبوهة تستعين بالطبع بعدد من المحامين الذين يضعون أسلحتهم القانونية على رقاب الضحايا مما جعلوا شريحة كبيرة من الأهالى تحت طائلة القانون فالأموال التى حصلوا عليها نفذت فى زواج الإبنة أو الإبن وأصبح العميل مطالب بسداد الأقساط الشهرية التى هى فى الأصل فوق طاقته وبالتالى نجد شبح السجن يطارد هذه الفئة.
لقد آن أوان مواجهة تلك المافيا والتعرف على مصادر تمويلها خاصة فى ظل إنتشار عمليات غسيل الأموال الناجمة عن العديد من جرائم الإتجار فى المخدرات أو السلاح فلا يجب أن تجلس الأجهزة المعنية على مقاعد المتفرجين على هذه المسرحية الهزلية بل والأدهى أن نجد الحكومة تقوم بتصدير الأزمة إلى الرئيس لكى يصدر عفو عن الغارمين من آن لآخر وفى الإطار نفسه نجد المؤسسات الخيرية مثل جمعية مصر الخير بالتعاون مع بعض المؤسسات المالية الشرعية تقوم بسداد ديون الغارمين والإفراج عنهم ورغم هذه الخطوات الحميدة ولكن من الأولى أن يتم غلق الملف من الأصل والعنل غلى توفير إحتياجات هذه الأسر بدلا من خلال التبرعات الهائلة التى تحصل عليها الجمعيات الكبرى بدلا من التعرض لهذه المهانة وحتى لا تحصل الكيانات المشبوهة على مبالغ أعلى من قيمة القروض التى منحوها للأهالى ويستمرون فى ممارسة كل هذه الإنحرافات المستبدة ضد ضحايا جدد يقعون فى هذا الفخ المدمر لحياة العديد من الأسر الفقيرة.

عبدالناصر محمد

كاتب وصحفي مصري

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى